أولهما : استثناء متصل ، حيث استثنى (الذين ظلموا) من المستثنى منه (الناس) ، والمقصود بهم اليهود ، وعليه فإن الكلام يكون تاما منفيا متصلا غير مفرغ ، فيكون الاسم الموصول المستثنى تابعا للناس ، أو منصوبا على الاستثناء.
ثانيهما : استثناء منقطع ؛ على أن الحجة هى الدليل الصحيح ، فيكون استثناء منقطعا حيث إن حجة الذين ظلموا شبهة ، فتكون من غير جنس الحجة التى تعنى الدليل الصحيح ، وعليه فإن المستثنى الاسم الموصول يكون منصوبا على الاستثناء عند الحجازيين ، ويجوز أن يكون تابعا للمستثنى عند التميميين ؛ لأنه يمكن تسلط العامل على المستثنى.
ـ قال تعالى : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [التين : ٥ ، ٦](١). الاستثناء (إلا الذين) استثناء تامّ مثبت غير مفرغ ، قد يكون متصلا ، وقد يكون منقطعا ، وفى الحالين يكون الاسم الموصول وخبره فى محل نصب.
ـ قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ). [الإسراء : ٦٧] المستثنى (إياه) ضمير منفصل مبنى فى محل نصب على الاستثناء ، سواء احتسب الاستثناء متصلا ، أم منقطعا ، والتقدير على الاتصال : أنهم كانوا يلجأون إلى الله ـ تعالى ـ مع آلهتهم ، وعلى الانقطاع المراد آلهتهم دون الله تعالى.
ـ قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى) [يونس : ٣٥]. تقدير الكلام : أم من لا يهدى غيره لكنه يحتاج إلى أن يهدى ، فيكون استثناء منقطعا ، ويكون المصدر المؤول (أن يهدى) فى محل نصب على الاستثناء. ويجوز أن تقدر الكلام بأن فيهم قابلية الهداية فيكون متصلا ، فيكون المصدر المؤول المستثنى منصوبا على الاستثناء ، أو على نزع الخافض ، والتقدير ـ والله أعلم ـ : يهدى غيره بهداية نفسه.
__________________
(١) (أسفل) حال من ضمير الغائب المفعول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وقد يكون صفة لظرف مكان محذوف ، والتقدير : مكانا أسفل. (الذين) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، خبره الجملة الاسمية المقرونة بالفاء (فلهم أجر) ، وجملة (الذين) وخبره فى محل نصب على الاستثناء. (غير) صفة لأجر مرفوعة ، وعلامة رفعها الضمة. (ممنون) مضاف إليه مجرور.