فأنت ترى أنه لا يصح الإخبار بالتمييز فى الأمثلة السابقة : (منزلة ـ حسبا ـ قولا ـ إخلاصا ـ ثقة ـ إتقانا) عن المفضل (هو ـ هو ـ أنا ـ أنا ـ هما ـ هما) ، حيث لا يقال : هو منزلة ... إلخ ، ولكن يجوز : هو منزلته أعلى ، وحسبه أشرف ، أنا قولى أصدق ، وإخلاصى أكثر ، هما ثقتهما أشد ، وإتقانهما أفضل ، كما أننا لو جعلنا اسم التفضيل فعلا لصحّ جعل تمييزه فاعلا له ، فيجوز (علت المنزلة ـ شرف الحسب ـ صدق القول ـ كثر الإخلاص ـ اشتدت الثقة ـ فضل الإتقان) ، كما يجوز أن يكون المفضل فاعلا لاسم التفضيل كذلك ، فيجوز (علوت منزلة ـ شرفت حسبا ـ صدقت قولا ـ كثرت إخلاصا ـ اشتددت ثقة ـ فضلت إتقانا).
ويحلو للنحاة أن يجعلوا هذا القسم من السببى ، وهذا فيه كثير من الصواب ، إذا تذكرنا أن التمييز فى مثل هذه الأمثلة لا يصح أن يخبر به عن المفضل إذا كان مبتدأ ، بل يكون مبتدأ مضافا إلى ضمير المفضّل ، مخبرا عنه باسم التفضيل ، ثم يخبر بالجملة الاسمية عن المفضل ـ كما شرحنا سابقا.
فإذا قلت : زيد أحسن منك ثوبا ، فإنك تلحظ :
أ ـ أن الثوب (التمييز) ليس زيدا (المفضّل).
ب ـ أن التمييز جزء ينتمى إلى المفضّل.
ج ـ أنه لا يجوز الإخبار بالتمييز عن المفضّل.
د ـ أنه يخبر عن المفضّل بجملة اسمية تتكون من المبتدإ (التمييز مضافا إلى ضمير المفضل) وخبره اسم التفضيل.
ه ـ لو جعلنا اسم التفضيل فعلا لجاز أن يكون التمييز فاعله ، أو المفضل فاعلا له.
يذكر ابن مالك : «أفعل التفضيل المميز بسببى ، نحو : زيد أكثر مالا ، وعلامة السببى صلاحيته للفاعلية بعد تصيير (أفعل) فعلا ، كقولك فى زيد أكثر مالا :زيد كثر ماله ....» (١).
__________________
(١) شرح التسهيل ٢ ـ ٣٨١.