أما الأخفش فإنه ينصبه على المصدرية كما ذكر فى المصدر المعرفة.
لكننا نذهب إلى أن الحال تكون مصدرا مطلقا فى المعنى الذى تكون فيه مبيّنة لهيئة الحدث. ذلك أن المصدر حدث ، والفعل يتضمّن الحدثية إلى جانب زمنها ، وإن ما يبين هيئة الحدث يكون حدثا مثله ، وهو المصدر ، نحو : قتلته على هذا القول جهارا غير ختل ، وعلانية غير سرّ ، لقد مات عطشا ...
فإذا استحضرنا الفكرة التى أقررناها سابقا ـ وهى أن الحال وصف لصاحبها وإخبار عنه ـ جاز لنا ذلك مع هذه الأحوال المبنية من المصادر ، وهى مبنية لهيئة الحدث ، كما إذا حوّلنا الحال السابقة إلى ما هو معهود من الخبر أو الصفة قلنا : القتل جهار غير ختل ، وعلانية غير سر ، الموت عطش ، ونقول : القتل الجهار ... الموت العطش.
نقرأ عند السّهيلى : «وإذا قلت : جاء زيد مشيا ؛ عمل فيه أيضا لا من حيث كان صفة لزيد ، فإنه لا ضمير فيه يعود على زيد ، ولكن من حيث كان صفة للمصدر الذى هو المجىء ، فيعمل فيه (جاء) كما يعمل فى المصدر» (١).
وإن كانت فكرة العمل النحوى هى الدافعة إلى ما لحظه السهيلىّ من إعمال الفعل (جاء) فى الحال المصدر (مشيا) ، فإنه ربط بين المصدر المذكور فى الفعل العامل وبين الحال المصدر والوصفية ، بما يدلّل على فكرة كون الحال صفة لما وضعت له ، ويجب أن تتضمن ما هو مثله ، فإذا بيّنّا هيئة المصدر الكامن فى الفعل فإنه يكون عن طريق المصدر ؛ لهذا صحت المصادر أحوالا على الإطلاق ، وعندها لا نحتاج إلى تقدير ضمير فى الحال ، أو تضمنها له ؛ لأنها تكون مساوية فى المبنى لصاحبها ، أى : حدث لحدث.
وعند ما أراد السهيلى أن يبين مفهوم الحال قال : «ونعنى بالحال صفة الفاعل التى فيها ضميره ، أو صفة المفعول ، أو صفة المصدر الذى عمل فيها ؛ لأن الصفة هى الموصوف من حيث كان فيها الضمير الذى هو الموصوف» (٢). فجعل الحال من المصدر قسيما للحال من الفاعل والمفعول.
__________________
(١) نتائج الفكر ٣٩٥ / وينظر : شرح القمولى : ١ ـ ٢٠١.
(٢) نتائج الفكر ٣٩٤.