فى قوله تعالى : (قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً) [يوسف : ١٩] ، من أوجه نصب (بضاعة) الحالية ، والبضاعة : القطعة من المال تعد للتجارة من بضعت (١) ، فهو اسم جامد غير مصدر ، وفى قول أبى حيان : وانتصب (بضاعة) على الحال ، أى : متّجرا لهم ومكسبا (٢) ، ما يوحى بأنه حال تؤول بالمشتق ، وأرى أن فيها تشبيها ، حيث جعل يوسف كقطعة من المال تعدّ للبضاعة ، أو : كالبضاعة ، وفى نصب بضاعة وجه آخر وهو على المفعولية الثانية ، على أن يتضمن الفعل (أسرّوه) معنى : صيّروه.
كما أنه يمكن أن نجعل من هذا القسم المثل المأثور : وقع المصطرعان عدلى عير ، فعدلى مثنى (عدل) ، وهو اسم جامد غير مصدر ، ويكون منصوبا على الحالية بتقدير مضاف محذوف ، أى : مصطحبين اصطحاب عدلى حمار حين سقوطهما (٣).
وكذلك قول الشاعر :
فما بالنا أمس أسد العرين |
|
وما بالنا اليوم شاء النجف (٤) |
حيث (أسد وشاء) منصوبان على الحالية من ضمير المتكلمين فى (بالنا) فى الموضعين ، والتقدير : فما بالنا أمس شجعاء ، وما بالنا اليوم جبناء ، وتلمس فى الحال معنى التشبيه ، حيث التقدير : ما بالنا كأسد ، وكشاء.
ثانيها : أن يدل معناها على تقسيم :
مثله : أقسم عليهم المال أثلاثا ، أو : أخماسا فـ (أثلاثا) حال من المال ، وهو جمع (ثلاث) ، وهو اسم جامد غير مصدر ، ويدل على التقسيم.
ثالثها : أن تكون الحال موصوفة بمشتقّ أو ما يشبه المشتقّ كالنسب :
يمثّل لذلك بقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) [يوسف : ٢] ، وقوله تعالى : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) [مريم : ١٧](٥). (قرآنا) حال من ضمير الغائب فى
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٤ ـ ١٦٥.
(٢) البحر المحيط ٥ ـ ٢٩٠.
(٣) قد يوجه نصب (عدلى) على النيابة عن المفعول المطلق ، والتقدير : وع المصطرعان وقوعا مثل وقوع عدلى ...
(٤) شرح ألفية ابن معطي : ١ ـ ٥٧٠ / الخزانة : ٣ ـ ٢٠١.
(٥) يرى كثيرون أن (بشرا) الأقرب أن يكون منصوبا على نزع الخافض ، والتقدير : فتمثل لها ببشر ، حيث كان المتمثل لها ملكا وقت التمثيل لا بشرا.