فالحال إنما سميت بذلك ـ فى رأى ـ لما فيها من معنى التحوّل ، وهو التنقل ، فإذا قيل : أقبل صديقى مبتسما ، فإن الحال (مبتسما) تصف هيئة الصديق أثناء إجراء حدث الإقبال ، فإذا انتهى الحدث فى التعبير تنتهى معه صفة الابتسام ؛ لذلك تكون الحال منتقلة متحولة متجددة غير ثابتة.
لكن النحاة يثبتون مواضع تأتى فيها الحال صفة ثابتة فى صاحبها ، ملازمة له ، وهى ثلاث (١) :
أ ـ أن تكون الحال مؤكدة لما قبلها. كأن تكون مؤكدة لعاملها ، نحو : (وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم : ٣٣] ، فالحال المنصوبة (حيا) تؤكد معنى الفعل (أبعث) ، حيث المعنى واحد ، فمعناها مستفاد بدونها.
أو تكون مؤكدة لصاحبها ، نحو قوله تعالى : (لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) [يونس : ٩٩] ، الحال (جميعا) مؤكدة لصاحبها الدالّ على العموم ، فالجمعية مستفادة بدون ذكرها.
أو تكون مؤكدة لمضمون الجملة قبلها ، نحو : هذا أبوك رحيما ؛ فالحال (رحيما) مؤكدة لمضمون الجملة السابقة عليها ؛ إذ إن الرحمة مستفادة من معنى الأبوة.
وأنت تلحظ أن الحال فى المواضع الثلاثة التى تفيد فيها التأكيد حال ثابتة ملازمة.
ب ـ أن تكون الحال لعامل يدلّ على تجدد. إما أن يكون التجدد فى ذات صاحب الحال ، كما هو فى القول : خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها (٢) ،
__________________
(١) ينظر : شرح التصريح ١ ـ ٣٦٧.
(٢) الكتاب : ١ ـ ١٥٥ / شرح الجمل لابن عصفور ١ ـ ٢٢٧ / شرح الكافية الشافية : ٢ ـ ٧٢٨.
(يديها) بدل من الزرافة منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه مثنى ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر بالإضافة. (أطول) وبالنصب ، حال من يديها منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. (من رجليها) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بأطول.
قد ينطق ما سبق بالرفع ، فيكون : يداها أطول من رجليها ، وحينئذ يكون الإعراب على الوجه الآتى :
(يداها) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الألف ؛ لأنه مثنى ، وضمير الغائبة فى محل جر بالإضافة. (أطول) بالرفع خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الاسمية فى محل نصب ، حال من الزرافة ، وقد تكون فى محل نصب ، صفة للزرافة على أن الزرافة محلاة بأل الجنسية.