وهذه بمعنى : أقل بغضا ، وأقل شرّا ، وأقل صعوبة ، وأقل قبحا (١). فهو إيثار لأحد المكروهين.
ويعبر ابن مالك عن ذلك بقوله : «فإن ورد لفظ التفضيل دون ظهور مشاركة قدرت المشاركة بوجه ما» (٢).
ومنه قوله تعالى : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) [يوسف : ٣٣](٣) ، حيث اسم التفضيل ـ هنا ـ ليس على بابه من التفضيل ، فكلّ من المفضل والمفضّل عليه شرّ ومكروه ، فآثر أحد الشرّين ، وهو السجن.
ومنه قوله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : «لأن يجلس أحدكم على جمرة خير له من أن يجلس على قبر» (٤) فكلاهما مكروه ، واختير أحدهما.
ويذكر منه قول الراجز :
أظلّ أرعى وأبيت أطحن |
|
الموت من بعض الحياة أهون (٥) |
حيث المفاضلة بين الموت والحياة القاسية ، فآثر الموت وجعله أهون.
__________________
(١) شرح التسهيل ٣ ـ ٥٥.
(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٥٤.
(٣) (رب) منادى مضاف إليه ضمير المتكلم المحذوف ، والمدلول عليه بالكسرة. (السجن) مبتدأ مرفوع ، خبره اسم التفضيل (أحب). (مما) حرف جر ، واسم موصول مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بأحب. جملة (يدعوننى) صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. شبه جملة (إليه) متعلقة بيدعو.
(٤) الجامع الصغير ٢ ـ ٩٠٠ / ريا الصالحين ٦٣٤ / وانظر : شرح التسهيل ٣ ـ ٥٥.
(لأن يجلس) اللام : للابتداء والتوكيد حرف مبنى. أن يجلس : حرف مصدرى ونصب ، ومضارع منصوب. (أحدكم) فاعل مرفوع ، وضمير مضاف إليه. والمصدر المؤول مبتدأ فى محل رفع.
(على جمرة) شبه الجملة متعلقة بالجلوس. (خير) خبر المبتدإ مرفوع. (له) جار مجرور. وشبه الجملة متعلقة بخير. (من أن يجلس) حرف جر ، وحرف مصدر ، ومضارع منصوب ، وفاعله ضمير مستتر.
والمصدر المؤول فى محل جر بمن ، وشبه الجملة متعلقة باسم التفضيل. (على قبر) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالجلوس.
(٥) شرح التسهيل ٣ ـ ٥٥.
الجملة الفعلية (أرعى) خبر ظل فى محل نصب. والجملة الفعلية (أطحن) خبر أبيت فى محل نصب.
(الموت) مبتدأ مرفوع ، خبره أهون. وشبه الجملة (من بعض) متعلقة بأهون.