من ذلك قول العباس بن مرداس :
فلم أر مثل الحىّ حيّا مصبّحا |
|
ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا |
أكرّ وأحمى للحقيقة منهم |
|
وأضرب منا بالسيوف القوانسا (١) |
حيث الناصب للقوانس ليس اسم التفضيل (أضرب) ، وإنما فعل محذوف ؛ لأن اسم التفضيل لا يعمل فى المفعول به. ويقدر من اسم التفضيل ، فيكون : نضرب القوانس بالسيوف.
ومنه قوله تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [الأنعام : ١٢٤]. (حيث) فى هذا الموضع قد خرجت عن الظرفية ؛ لأنه لا يوصف الله ـ تعالى ـ بأنه أعلم فى أزمنة وأمكنة ؛ لأن علمه لا يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة ، وبذلك تكون مفعولا به ، والعامل فيه فعل محذوف ، دلّ عليه اسم التفضيل ، والتقدير : يعلم حيث يجعل ... أى : الله أعلم ، يعلم مكان جعل رسالته ...
وأجاز بعضهم أن يكون (أعلم) مجردا عن التفضيل ويكون هو العامل (٢).
ـ إذا أردت أن يعدّى اسم التفضيل إلى مفعول به فإنه يتبع ما يأتى (٣) :إن كان اسم التفضيل مصوغا من فعل متعد لفعل واحد ، وهو دالّ على حب أو بغض فإنه يعدّى إلى ما هو فاعل فى المعنى بإلى ، ويعدّى إلى ما هو مفعول فى المعنى باللام.
فتقول : المؤمن أحبّ إلى الله من غيره ، أى : يحبّه الله أكثر من غيره ، فتعدى إلى ما هو فاعل فى المعنى بإلى. حيث (إلى) لابتداء الغاية ، وهى ملائمة للعلاقة المعنوية التى تنطلق من المفعول به إلى الفاعل فى الحديث.
__________________
(١) نوادر زيد ٢٦٠ / الحماسة ١ ـ ٢٤٦ / الحماسة البصرية ١ ـ ٥٥ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ / ١٠٠٣ شرح ابن يعيش ٦ ـ ١٠٦ / شرح التسهيل ٣ ـ ٦٨ / شرح الكافية الشافية ٢ ـ ١١٤١ / مغنى اللبيب رقم ٨٥٢ / شرح التصريح ١ ـ ٣٣٩.
القوانس : جمع قونس ، وهو ما بين الأذنين. وأعلى بيضة الحديد.
(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٦٩.
(٣) شرح التسهيل ٣ ـ ٦٨ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٥٦.