السائل ولو جاء على فرس» (١) ، «ردّوا السائل ولو بشقّ تمرة» (٢). المعنى فيهما : (وإن) ، وتجىء (لو) هنا تنبيها على أن ما بعدها لم يكن يناسب ما قبلها ، لكنها جاءت لاستقصاء الأحوال التى يقع فيها الفعل ، ولتدلّ على أن المراد بذلك وجود الفعل فى كلّ حال ، حتى فى هذه الحال التى لا تناسب الفعل ، ولذلك لا يجوز : اضرب زيدا ولو أساء إليك ، ولا : أعطوا السائل ولو كان محتاجا ، ولا : ردوا السائل ولو بمائة دينار ، فإذا تقرر هذا فالواو فى (ولو) فى المثل التى ذكرناها عاطفة على حال مقدرة» (٣).
ونجد أن أبا حيان يؤكد على ذكر الواو فى مثل هذا الموضع وإن كانت الجملة الواقعة حالا فيها ضمير يعود على صاحب الحال ؛ لأن حذفها يؤذن بتقييد الجملة السابقة عليها ، كما أنها دليل على أن ما بعدها لم يكن يناسب ما قبله ، والفرق واضح بين القول : «أكرم زيدا لو جفاك ، أى : إن جفاك ، وبين : أكرم زيدا ولو جفاك» (٤).
ومنهم من يرى أن التركيب الشرطىّ لا يكاد يقع بتمامه موقع الحال ، وإنما الطريق إلى ذلك أن تجعل التركيب الشرطىّ خبرا عن ضمير ما تريد أن تجعل الحال منه ، ففى القول : جاء زيد إن يسأل يعط ؛ تقول فيه كى تجعل الشرط حالا : جاء زيد وهو إن يسأل يعط ، ويكون الحال شاملا الجملة الاسمية التى خبرها التركيب الشرطىّ.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ) [التوبة : ٣٨]. التركيب الشرطى (إذا قيل اثاقلتم) بعد السؤال الإنكارى التوبيخى أو التقريعى (ما لكم) يكون حالا ، والتقدير : ما لكم تتثاقلون إذا قيل لكم انفروا (٥).
__________________
(١) حديث شريف أخرجه مالك فى الموطأ : (٢ ـ ٩٩٦) بذكر (إن) مكان (لو) ، وفى مسند أحمد (١ ـ ٢٠١) ، وسنن أبى داود (١٦٦٥) ، والكبير للطبرانى : (٢٨٩٣) نصه : «للسائل حق وإن جاء على فرس».
(٢) حديث شريف أخرجه أحمد فى مسنده : ١ ـ ٣٨٨.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٢ ـ ١٠٣ / الدر المصون ١ ـ ٤٣٦.
(٤) الموضع السابق.
(٥) ينظر : الكشاف ١ ـ ٣٩٣ / البحر المحيط ٥ ـ ٤١٩ / الدر المصون ٣ ـ ٤٦٤.