كلّ واحد منها مأخوذا من اسم من أسماء الله تعالى ، وأن يكون الله عزوجل قد وضعها هذا الوضع فسمى [بها] (١) ، وأن كل حرف منها في آجال قوم وأرزاق آخرين ، وهي مع ذلك مأخوذة من صفات الله تعالى في إنعامه وإفضاله ومجده ، وأنّ الافتتاح بها سبب لأن يسمع القرآن من لم يكن سمع ، وأنّ فيها إعلاما للعرب أن القرآن الدالّ على نبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم بهذه الحروف ، وأن عجزهم عن الإتيان بمثله مع نزوله بالحروف المتعالمة بينهم دليل على كفرهم وعنادهم وجحودهم ، وأن كلّ عدد منها إذا وقع أوّل كلّ سورة فهو اسم لتلك السورة. قال : وهذا القول الجامع للتأويلات كلها» (٢) والله أعلم بما أراد من ذلك.
العاشر : أنها كالمهيّجة لمن سمعها من الفصحاء ، والموقظة للهمم الراقدة من البلغاء لطلب التساجل ، والأخذ في التفاضل ، وهي بمنزلة زمجرة الرعد قبل الناظر في الأعلام لتعرف الأرض فضل الغمام ، وتحفظ ما أفيض عليها من الإنعام. (٣) [وإلحاق مواقع الاستفهام بما فيه من العجمة التي لا تؤلف في الكلام] (٣). وما هذا شأنه خليق بالنظر فيه ، والوقوف على معانيه بعد حفظ مبانيه.
الحادي عشر : التنبيه على أن تعداد هذه الحروف [ممن] (١) لم يمارس الخط ، ولم يعان الطريقة ، على ما قال تعالى : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) (العنكبوت : ٤٨).
الثاني عشر : انحصارها في نصف أسماء حروف المعجم ، لأنها أربعة عشر حرفا على ما سبق تفصيله ؛ وهذا واضح على من عدّ حروف المعجم ثمانية وعشرين حرفا ، وقال «لا» مركبة من اللام والألف ؛ والصحيح أنها تسعة وعشرون حرفا. [والنطق] (١) «بلا» في الهجاء كالنطق في «لا رجل في الدار» ، وذلك لأن الواضع جعل كلّ حرف من حروف المعجم صدر اسمه [إلاّ] (١) الألف ، فإنه لمّا لم يمكن أن يبتدأ به لكونه مطبوعا على السكون فلا يقبل الحركة أصلا توصّل إليه باللام ؛ لأنها شابهته في الاعتداد والانتصاب ، ولذلك يكتب على صورة الألف [إلا] (١) إذا اتصل بما بعده.
فإن قلت : فقد [تقدم] (١) اسم الألف في أول حرف الهجاء! قلت : ذلك اسم الهمزة
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة كذا عبارة الأصول ، وفي «الصاحبي» (قسما بها).
(٢) هنا ينتهي نقل الزركشي عن «الصاحبي».
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.