فأجابه صاحب مراكش بقوله :
لا أوحش الله منك قوما |
|
تعودوا صنعك الجميلا |
وذكر المقري أن أبا الحسن عليا الخزرجي الفاسي الشهير بالشاحي لما سمع بعزمه على الارتحال عن الوطن كتب إليه بما كتبه أبو جعفر أحمد بن خاتمة المغربي إلى بعض أشياخه وهو :
أشمس الغرب حقا ما سمعنا |
|
بأنك قد سئمت من الإقامه |
وأنك قد عزمت على طلوع |
|
إلى شرق سموت به علامه |
لقد زلزلت منا كل قلب |
|
بحق الله لا تقم القيامه |
ويشير المقري إلى سبب ارتحاله إشارة خفيفة في مقدمة النفح قائلا : «إنه لما قضى الملك الذي ليس لعبيده في أحكامه تعقب أو ردّ ، ولا محيد عما شاءه سواء كره ذلك المرء أو ردّ ، برحلتي من بلادي ، ونقلتي عن محل طارفي وتلادي بقطر المغرب الأقصى الذي تمت محاسنه ، لو لا أن سماسرة الفتن سامت بضائع أمنه نقصا ، وطما به بحر الأهوال .. وذلك أواخر رمضان من عام سبعة وعشرين بعد الألف ، تاركا المنصب والأهل والوطن والإلف».
وغادر مدينة فاس متوجها إلى المشرق ، فوصل تطواف في ذي القعدة من ذلك العام ، ومن تطواف ركب سفينة أوصلته إلى الاسكندرية ، ومنها إلى القاهرة فالحجاز بحرا ، فوصل مكة المكرمة في ذي القعدة من العام التالي ، واعتمر ، وبقي بعد العمرة في مكة ينتظر الحج ، ومنها توجه إلى المدينة الشريفة لزيارة قبر الرسول الأعظم صلّى الله عليه وسلّم ، ثم عاد إلى مصر في محرم سنة ١٠٢٩ ه.
ويظهر أنه لم يلق في مصر ما كان يؤمل من طيب الإقامة وحسن الحفاوة والتقدير ، وقد سئل عن مصر وحظه فيها فأجاب : قد دخلها قبلنا ابن الحاجب وأنشد فيها قوله :
يا أهل مصر وجدت أيديكم |
|
في بذلها بالسخاء منقبضه |
لما عدمت القرى بأرضكم |
|
أكلت كتبي كأنني أرضه |
وأنشد لنفسه :
تركت رسوم عزّي في بلادي |
|
وصرت بمصر منسيّ الرسوم |
ونفسي عفتها بالذل فيها |
|
وقلت لها : عن العلياء صومي |
ولي عزم كحدّ السيف ماض |
|
ولكنّ الليالي من خصومي |