فهو ـ مع عدم صلوحه لتوجيه الورود ، لعدم منافاته لبقاء موضوع الاستصحاب ، وهو الشك ـ موقوف على فعلية حجية الأمارة ، الموقوفة على عدم جريان الاستصحاب ، ولا وجه له مع فرض بقاء موضوع الاستصحاب ، وهو الشك وعموم دليله.
فلعل الأولى توجيه تقديم الطرق والأمارات على الاستصحاب بوجه يرجع إلى الورود بالتأمل ..
وحاصله : أن مقتضى أخبار الاستصحاب النهي عن نقض اليقين بالشك ، لا عن نقضه مع الشك ولو كان بأمر آخر غيره ، ومن الظاهر أن مقتضى دليل حجية الأمارة ليس هو نقض اليقين بالشك المقارن لها لينافي عموم الاستصحاب ، بل نقضه بالأمارة بخصوصيتها ، فلا تنافي أخبار الاستصحاب بوجه. فهو نظير قولنا : لا تنقض خبر زيد بخبر عمرو ، الذي لا يمنع من نقض خبر زيد بخبر بكر وإن قارن خبر عمرو.
إن قلت : هذا ينافي ما في ذيل صحيحة زرارة الأولى من قوله عليه السّلام : «وإنما تنقضه [ولكن ينقضه خ. ل] بيقين آخر» لظهوره في حصر الناقض لليقين باليقين وعدم انتقاضه بغيره وإن كان أمارة.
قلت : تقدم أن أخذ اليقين في موضوع الاستصحاب ليس بما هو صفة خاصة ، بل بما هو طريق تقوم مقامه سائر الطرق المعتبرة ، وذلك جار في اليقين الذي تضمنه الذيل المذكور ، لوضوح بعد التفكيك بينهما فيه.
على أنه لو غض النظر عن ذلك تعين حمل الحصر المذكور على كونه حصرا إضافيا بلحاظ حالتي المكلف النفسية من اليقين والشك ، لا حقيقيا ، ليعم الأمارة الخارجة عن حالات المكلف ، فهو أمر ارتكازي وارد مورد التأكيد لما تضمنه الصدر من عدم نقض اليقين بالشك ، لا لبيان أمر زائد على ذلك ، هو عدم صلوح غير اليقين والشك لنقض اليقين ، ليكون أمرا تعبديا رادعا عما عليه