العقلاء من حجية بعض الأمارات وناقضيتها لليقين. ولا سيما مع ورود ذلك في النوم الذي لا يتيسر غالبا قيام الأمارة المعتبرة عليه.
إن قلت : لازم ذلك عدم البناء على المتيقن السابق في ظرف وجود غير الشك مما هو خارج عن حالات المكلف النفسية وغير معتبر في نفسه ـ كالقياس ـ لعدم الدليل على عدم نقض اليقين به ـ بعد فرض كون الحصر إضافيا ـ لا بمعنى البناء على مؤداه ، بل بمعنى التوقف وعدم البناء على مقتضى المتيقن السابق والرجوع إلى أصل آخر غير الاستصحاب.
قلت : لما كان المستفاد من عدم نقض اليقين بالشك اقتضاء اليقين السابق للبناء على البقاء واحتياجه للناقض ، فما لم تثبت ناقضيته ـ لعدم ثبوت حجيته ـ لا طريق لرفع اليد به عن المقتضي المذكور ارتكازا ، ولو لا ذلك لم يترتب الأثر على عدم نقض اليقين بالشك ، إذ لا بد من مقارنة الشك لغيره مما لا يكون حجة بنفسه ويمكن عقلا ناقضيته لليقين ، بمعنى التوقف وعدم البناء على بقاء المتيقن معه.
لكن الانصاف : أن الارتكاز المذكور راجع إلى ما ذكرناه أولا من ارتكاز أن ذكر اليقين في الذيل ليس لخصوصيته ، بل بما هو طريق يقوم مقامه سائر الطرق مع كون الحصر حقيقيا ومقتضاه إلحاق كل ما ليس طريقا معتبرا بالشك في عدم نقض اليقين السابق به.
ومن هنا يتضح أن مقتضى الذيل المذكور ناقضية الأمارة المعتبرة لليقين السابق ويبقى معها الشك الذي لا يصلح لنقض اليقين ، فيكون مؤكدا لما ذكرناه من عدم منافاة دليل الاستصحاب لدليل حجية الأمارة.
إن قلت : النقض في المقام وإن لم يكن بالشك ، بل بالأمارة ، إلا أنه بعد فرض تحقق موضوع الاستصحاب ببقاء الشك يلزم التعبد ببقاء المتيقن السابق ، فينافي مفاد الأمارة ويتعارضان ، ولا وجه لتقديم الأمارة.