الأول : ما لو كان المكلف متوضئا ، ثم صدر منه وضوء وحدث ، واشتبه عليه المتقدم منهما ، واحتمل كون وضوئه الثاني تجديديا قد انتقض بالحدث المعلوم ، فيجري استصحاب كلي الطهارة المتيقن ثبوتها بعد الوضوء الثاني ، حيث يحتمل أن تكون هي الطهارة الأولى فهي مرتفعة ، وأن تكون طهارة اخرى فهي باقية.
وقد يستشكل فيه : بأن المستصحب ليس هو الكلي ، بل الطهارة الشخصية الثابتة حين الوضوء الثاني.
ويندفع : بأن وحدة الشخص لا تنافي استصحاب الكلي فيما لو كان الأثر له ، وكان الشك في بقائه للشك في ذلك الفرد ـ كما في القسم الأول ـ أو في حاله ، لتردده بين ما هو الباقي والمرتفع ـ كما في القسم الثاني ـ كما لعله ظاهر.
نعم ، تفريعه على القسم الذي ذكره من استصحاب الكلي لا يخلو عن إشكال ، لعدم احتمال كون المتيقن سابقا مجمعا لعنوانين أحدهما موضوع الأثر ـ وهو الطهارة ـ بل ليس هو إلا فردا لعنوان واحد.
غاية الأمر احتمال كونه مجمعا لفردين منها بينهما نحو من الاتحاد لتأكد أحدهما بالآخر واندكاكه ، ولا يعلم وجود العنوان الآخر حتى مثل عنوان الطهارة التجديدية ، بل هو مشكوك.
والأمر في ذلك سهل بعد جريان الاستصحاب ذاتا لو لا إشكال الاستصحاب مع تعاقب الحالتين المتضادتين الذي يأتي الكلام فيه في محله إن شاء الله تعالى.
الثاني : ما لو رأى المكلف في ثوبه منيا وتردد بين أن يكون من جنابة قد اغتسل منها وأن يكون من غيرها ، فيجرى استصحاب كلي الجنابة من حين خروج ذلك المني المردد بين الفرد السابق المعلوم الانتقاض والجديد المشكوك الحدوث ، بدعوى : أن عدم جريان الاستصحاب في كل من الفردين