إناطة النسبة البعثية والزجرية بوجود الشرط خارجا ، إذ حيث كانت النسبة المذكورة هي المبرز للتكليف كان ظاهرها إناطة التكليف بذلك أيضا ، كما يكون ظاهر النسبة المطلقة إطلاق التكليف ، وحيث كان الموجود حين وجود الشرط خارجا هو الإرادة الفعلية كان التكليف منتزعا منها ، لا من الإرادة المقارنة للخطاب بالكبرى.
وبالجملة : التأمل في المرتكزات العقلائية التي يبتني عليها تحديد التكليف ثبوتا وبيانه إثباتا يوجب وضوح كون التكليف منتزعا من الإرادة والكراهة الفعليتين التابعتين لفعلية الموضوع خارجا ، فلا يكون التكليف فعليا إلا حينئذ ، من دون فرق بين التكليف المطلق الذي يخاطب به حين فعلية موضوعه والمشروط الذي يخاطب به قبل فعليته بنحو الكبرى التعليقية المنوطة بالموضوع والشرط ، وليست الإرادة الحاصلة حين الخطاب بالكبرى إلا لازما من لوازم مبادئ تحقق الإرادة الفعلية ، دون أن تكون منشأ لانتزاع التكليف ، وإنما هي حجة على تعيين موارد الارادات الفعلية التي ينتزع منها التكليف وضبطها.
إن قلت : إذا كان منشأ انتزاع التكليف هو الإرادة الفعلية ، لا التعليقية لزم عدم تحقق التكليف لو غفل المولى عن تحقق الشرط أو الموضوع حين فعليتهما ، لعدم تحقق منشأ انتزاعه ، وهو الإرادة الفعلية حينئذ.
قلت : هذا كاشف عن انتزاع الحكم من ملاك المحبوبية أو المبغوضية ، المستتبع لهما بمجرد الالتفات إليه ، وإن لم يتحققا بسبب الغافلة ، فاذا كانت الكبرى صالحة لبيان الملاك المذكور كانت صالحة لبيان التكليف بالنحو المستتبع لحكم العقل بوجوب الاطاعة.
وهذا جار على مدعى الخصم أيضا ، إذ قد يغافل المولى عن الكبرى ، فلا تكون الإرادة المستتبعة لها فعلية حين فعلية الموضوع والشرط ، مع وضوح أن