الفعلية ظاهرا ، فلا بد من عموم دليل التعبد الظاهري بالكبرى للازمها المذكور ، وهو يتم في الدليل الاجتهادي ، دون الاستصحاب ونحوه من الأصول.
وأما ما في حاشية الرسائل من قياس ذلك بوجوب المقدمة وحرمة الضد ، حيث يكون موضوع الملازمة فيهما الأعم من الوجود الواقعي والظاهري.
فهو ممنوع في المقيس عليه ، فضلا عن المقيس ، كما تقدم في المستثنى الثالث من مستثنيات الأصل المثبت ، وذكرنا هناك أنه ربما يكون منشأ البناء عليهما هو أن ملاك التلازم فيهما كما يقتضي التلازم بينهما ثبوتا يقتضي بينهما إثباتا ، بنحو يكون التعبد بالملزوم مستلزما للتعبد باللازم ، ولا طريق لدعوى ذلك هنا.
ومن هنا أشكل الأمر في أصل جريان استصحاب الكبريات الشرعية ، مضافا إلى الاشكال السابق ، والى حديث المعارضة الذي هو محل الكلام هنا.
فالذي ينبغي أن يقال : لا مجال للبناء على جعل الأحكام الكبروية والفعلية معا ، للغوية أحد الجعلين والاستغناء به عن الآخر ، لوضوح عدم الترتب بينهما ، الراجع إلى أخذ أحدهما في موضوع الآخر ، كي يكون جعل المتقدم لتنقيح موضوع المتأخر ، نظير الأحكام الوضعية والتكليفية المترتبة عليها ، حيث يكون جعل الأولى لتنقيح موضوع الثانية ، وإنما بينهما محض التلازم الخارجي ، الراجع إلى استحالة انفكاك جعل الكبرى عن فعلية حكمها في ظرف تحقق موضوعه ، فلا بد من الاكتفاء بجعل واحد.
وحينئذ إن كان موضوع الأثر العملي هو الكبرى كانت هي المجعولة لا غير ، ولم يكن الحكم الفعلي إلا انتزاعيا راجعا إلى بلوغ الحكم مرتبة الباعثية والمحركية العقلية ، من دون أن يكون موردا للجعل الشرعي زائدا على جعل الكبرى.
وعليه يبتني الوجه الثاني والثالث المتقدّمان لتوجيه جريان استصحاب