هذا ، وقد ذكر بعض مشايخنا أن المعيار في الترتب الموجب لصدق مضي محل السابق بالدخول في اللاحق أخذ كل منهما شرطا في صحة الآخر ، فلا يصح السابق لو لم يترتب اللاحق ، ولا يصح اللاحق لو لم يسبق السابق ، كما هو الحال في أجزاء الصلاة المترتبة.
ولا يكفي مجرد كون ظرف الأخير متأخرا عن السابق ، لترتبه عليه ، من دون أن يكون دخيلا في صحة السابق لترتبه عليه ، كالقنوت بالإضافة للقراءة ، سواء كان مستحبا مستقلا في ضمنها ، أم جزءا مستحبا في الصلاة ، وجميع الأجزاء المستحبة ، والتعقيب بالإضافة للتسليم ، وصلاة العصر بالإضافة للتسليم في صلاة الظهر.
وكأن مراده من توقف صحة أحد المترتبين على الآخر هو التوقف بملاحظة الجعل الاولي ، وإن أمكنت صحة أحدهما بدون الآخر لجهة ثانوية ، كما في موارد حديث : «لا تعاد ...» ، وإلا لم ينطبق على مثل القراءة مما لا يكون الإخلال به سهوا مبطلا للعمل ، مع أنه مورد صحيح زرارة.
وفيه .. أولا : أنه لم يتضح وجه التقييد بذلك ، فإن مضي المحل حقيقة لا يتحقق إلا بتعذر التدارك بمثل الدخول في الركن اللاحق ، كما تقدم ، ومضي المحل بالمعنى المستفاد من النصوص ، الراجع إلى العبور عن الشيء والتجاوز عنه بمقتضى الجعل الشرعي ، لأجل الدخول في ما لحقه ، حاصل في جميع ما تقدم ونحوه مما يكون مترتبا على المشكوك.
وثانيا : أن الترتب في أجزاء الصلاة التي هي مورد النصوص ليس بالنحو الذي ذكره ، بل هو مبني على توقف صحه اللاحق على السابق ـ ولذا يبطل لو وقع بدونه ، ويجب تكراره في مورد إمكان التدارك ـ دون العكس ، لأن ذلك هو الظاهر من دليل الترتيب في سائر الموارد ، وإنما يبطل تمام العمل بفقد الجزء عمدا مثلا لأجل الارتباطية في نفس العمل ، لا لأخذه في صحة الأجزاء السابقة