حالة هروب من الواقع ، ولا ابتعادا عن مواجهة التحدي ، بل هو مظهر قوّة في انتصار الإنسان على طبيعة الانفعال في مشاعره ، واهتزاز الاندفاع في خطواته ، وحركة الارتجال في مواقفه ، ليكون البديل عن ذلك عقلانية في التفكير ، واتزانا في الخطوات ، وتخطيطا في المواقف ، ليحدّد طريقه على أساس الدراسة الواعية المنفتحة على كل آفاق الحاضر والمستقبل ، وليواجه التحديات الطاغية ، بالخطة الدقيقة المتوازنة الباحثة عن الوصول إلى الهدف من أقرب طريق. إنها العزيمة الثابتة القوية الصلبة التي تمنح الإنسان معنى الصلابة في شخصيته ، ليواجه الحياة من هذا الموقع.
* * *
الله لا يحب المختال الفخور
(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) وهو كناية عن وقفه التكبر والخيلاء التي يشيح فيها الإنسان بوجهه عن الناس ، ويعرض عنهم تكبّرا ، فإن المؤمن هو الذي يحترم الناس ويقبل عليهم ويتواضع لهم ، وينفتح لهم بكل وجهه وقلبه.
(وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) لا تأخذك الخيلاء ، ومشاعر الزهو التي تملأ مشاعر الإنسان بالفرح الذي يطغى على شخصيته ، حتى يتحوّل ذلك إلى حركة استعراضية نزقة لا توحي بالهدوء والاتزان.
(إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) لأن الاختيال يوحي بالتكبر والتجبر ، والله لا يحب المتكبرين المتجبرين ، ولأن الفخر يوحي بانتفاخ الشخصية من غير أساس واقعيّ معقول ، والله لا يحب الذين يزكون أنفسهم من دون واقع ،