عملية خلق الإنسان
(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) في ما يحتاجه وجوده من عناصر متنوعة تتكامل في طبيعتها لتحقق كل النتائج الإيجابية ، في ما هو الغرض من وجود الأشياء ، فلا خلل في أيّ مخلوق في أصل خلقته من هذه الجهة.
(وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) عند ما خلق الأب الأوّل للإنسان ، وهو آدم من طين (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) ليتحرك امتداد النسل في الإنسان بالطريقة التناسلية التي تفرز النطفة في رحم المرأة فتلقح بويضة الأنثى وتتحد معها في بداية رحلة الوجود للإنسان ، وهكذا كان التخطيط الإلهي لوجود الإنسان في الكون ، أن يكون الطين مادّة خلقه التي تبدأ بشكل مادي مباشر ثم تتطور وتتحول إلى نطفة من مصادر الغذاء الأرضية التي تتكون منها ، ثم بدأت فعلية الخلق الأول (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) فصار خلقا سويا متحركا بالحياة في كل خلايا جسده ، فهل عرفتم أيّها الناس نعمة الله عليكم في عملية الخلق ، وهل تتأملون في تفاصيل وجودكم التي لولاها لما استطعتم أن تشعروا بقيمته وبحيويته وباستمراره؟ (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) وهي العقول التي تدير الوجود كله من خلال أدوات السمع والبصر والتفكير ، ولكن المشكلة هي أن القليل منكم هم الذين يلتفتون إلى هذه النعم ويشكرونها ، (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) مما لا يتناسب مع الحجم الذي ينبغي لكم أن تقدموه من شكر الله على نعمه التي لا تحصى.
* * *