الموجودة فيه ، وتنتهي إلى الأرض لتشمل كل مواقعها في السطح وفي العمق وفي الفضاء.
وربما كان التعبير بابتداء الأمر ، الذي هو كناية عن الشأن المتعلق بالأشياء من السماء ، إشارة إلى الإيحاء للمقام الإلهيّ السامي الذي يقع في آفاق العلو ، مما يفرض أن يكون ابتداء الفعل من الموقع نفسه ، وفي الأفق نفسه باعتباره مركز التدبير الرئيس الذي تنزل منه الإرادة إلى الأرض.
(ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) حيث تعود الأمور كلها إلى الله في حركتها المتصلة بمواقع أمره ونهيه ، في ما يرتبط بمسألة المسؤولية الإنسانية في أفعاله وأقواله وعلاقاته بالله وبالحياة وبالإنسان ، ليواجه الموقف بين يدي الله في يوم القيامة الذي لو طبق على مقاييس الزمان في الأرض لكان مقداره ألف سنة في التقدير.
وقد جاء في تقدير يوم القيامة ، بأنه خمسون ألف سنة وذلك في قوله تعالى : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [المعارج : ٤] ، فكيف نوفق بينهما؟ وربما كان التقدير الأخير بلحاظ الشعور الداخلي لدى الكافر بالمشقة الكبيرة من خلال ما يعانيه من أهوال القيامة ، وربما كان التقدير بالألف سنة ، بلحاظ مشهد واحد من مشاهد يوم القيامة ، وهو خمسون موقفا ، كل موقف مقداره ألف سنة كما جاء في بعض التفاسير ؛ والله العالم.
(ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) الذي إذا عاش الإنسان في رحاب طاعته ، واستظل بظل رحمته ، وتحرك من أجل الحصول على رضاه ، فإنه يعيش كل الأمن والاطمئنان في مواقع عزته ورحمته وعلمه الذي يحيط بكل شيء.
* * *