وكل ملك الموت بكم ليتوفاكم عند ما يبلغ العمر نهايته ، في النظام الإلهيّ للموت ، كما هو النظام الإلهيّ للحياة ، في الخطة الإلهية الشاملة التي تحكم الموت والحياة ، وتبدع الحياة في الأجزاء الضائعة في التراب كما أعطت الحياة للتراب الضائع في ذرأت العناصر التي يتكون منها الغذاء ، فأين المشكلة ، هل هي في قدرة الله ، أو هي في علم الله في مواقع أجزاء الجسد؟ (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) وهنا يتدخل عنصر الخطاب الإلهي في مسألة البعث بعد أن كان الحديث بطريق الحكاية في أسلوب الغيبة ، ليشعر الناس بالحضور الإلهي القويّ المهيمن الذي يختصر لهم كل المسألة ، ويهدم كل شبهاتهم ، فهو الرب العظيم القادر العليم الجبار القاهر المتكبر يتحدث إليهم بشكل مباشر ليؤكد لهم العودة إليه بطريقة حاسمة.
وربما قرّر البعض حجة المنكرين للبعث من خلال هذه الآية ، بأن تفتت أجزاء البدن الذي يؤدي إلى تلاشيه يبطل شخصية الإنسان فينعدم ولا معنى لإعادة المعدوم.
* * *
وقفه مع صاحب الميزان
ويرد عليها صاحب الميزان بقوله : «إن حقيقة الإنسان هي نفسه التي يحكي عنها بقول «أنا» وهي غير البدن ، والبدن تابع لها في شخصيته ، وهي لا تتلاشى بالموت ولا تنعدم ، بل محفوظة في قدرة الله حتى يؤذن في رجوعها إلى ربها للحساب والجزاء ، فيبعث على الشريطة التي ذكر الله سبحانه» ثم يتابع قوله : «إن الآية من أوضح الآيات القرآنية الدالة على تجرّد النفس بمعنى كونها غير البدن أو شيء من حالات البدن» (١).
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٦ ، ص : ٢٥٧.