وبالإشارة ، وبالإيمان ، وبالإيحاء ، وبغير ذلك مما لا يدركه الإنسان الذي يتحرك في المعرفة بشكل محدود في نطاق تجربته الخاصة التي لا تمتد إلى أبعد مما تدركه الحواس ، ويستنتجه العقل ، وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم في قوله تعالى (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ...) [الإسراء : ٤٤].
ولعل هذا التأكيد الدائم على التسبيح الكوني لكل مخلوقات الله في السماء والأرض ، يمثل الأسلوب التربوي للعقيدة الإسلامية بالله ، في ما يريد للإنسان أن يتمثله في حياته الخاصة ، وفي وعيه لحركة الوجود كله ، وعظمة الله في ما حوله ، وفيمن حوله ، فيجد الله في كل شيء.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فهو المنيع الذي لا يمكن أن يخترق ساحته أحد في أي موقع من مواقع الصراع والغلبة ، وهو الذي يتحرك فعله في إتقان كل شيء في خلقه وفي تدبيره ، الأمر الذي يجعل الإنسان يحس بالطمأنينة والثقة بأنه ـ في حركة الكون من حوله ـ تحت رعاية إله قوي قادر لا يغلب ، حكيم لا يخطئ في تقديره وفي تدبيره.
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو الحاكم من موقع أنه المالك المهيمن على الأمر كله ، (يُحْيِي وَيُمِيتُ) خالق الحياة في ما ركب فيها من العناصر المتنوعة ، هو خالق الموت في ما يحركه في داخله من أسباب الموت ، (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فلا حد لقدرته في كل مواقع خلقه ، مما يجعل حاجاتهم منفتحة عليه في كل أمورهم ، لأنه الذي يملك القدرة كلها في كل شيء ، فيشعرون بالقوة من خلال ارتباطهم بقوته ، وبالثقة من خلال إحساسهم بعظمة القدرة وشموليتها في قدرته.
(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) فإن كل الموجودات مخلوقة له ، فلا يسبقه شيء منها في الوجود ، وكل الوجود خاضع له ، متحرك بتدبيره ، فلا يتصور بقاؤه من