كل جيل دوره ومكانه في نطاق المرحلة ، لتتكامل المراحل في تحقيق الهدف الكبير ، وهو أن يكون الدين كله لله ، فتكون الحياة خاضعة بمجموعها لله.
وهكذا يقف هذا الجيل الجديد ليأخذ دوره في الانفتاح على الله ، وفي النظرة إلى ما يمكن أن يقع فيه من الأخطاء ، كما وقع الجيل السابق في أمثالها ، لأن طبيعة العمل قد تفرض بعض الأخطاء ، كما أن طبيعة الظروف الموضوعية قد توقع الحركة في بعضها. ولكن المسألة هي أن الأجيال لا تقع صريعة الأخطاء ، ولا تصرّ عليها ، ولا تتعقد منها ، بل تنفتح على الله لتبتهل إليه ليغفر لها من جهة ، وليوفق الجميع للتراجع عنها في المستقبل حتى لا يقعوا في مثلها ، من جهة أخرى. وهذا ما عبرت عنه الفقرة التالية في الآية : (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) وامنحنا من خلال ذلك محبتك ورضوانك لتقف كل الأجيال في ظلال رحمتك ، بعيدا عن كل الذنوب والأخطاء ، (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا) لأننا لا نريد أن نحمل في أعماقنا البغضاء والعداوة للمؤمنين ، مهما كانت الأسباب التي تعقد العلاقات فيما بيننا ، لأن الإيمان يفتح القلوب على محبة الله الذي يلتقي الجميع في رحاب حبه ولطفه ، مما يفرض عليهم أن لا يتوقفوا أمام المشاكل التي تحدث فيما بينهم ليتعقدوا منها ، ولكن لينطلقوا بعيدا عنها ، ليكون العفو الذاتي في دائرة العفو الإلهي هو الذي يبتعد بهم عن التعقيد.
(رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) فاجعل رأفتك بنا رأفة في قلوبنا لبعضنا البعض ، ورحمتك بنا رحمة منفتحة في أرواحنا على الناس والحياة من حولنا ، لنلتقي بك دائما في مواقع رأفتك ورحمتك لنحصل من خلال ذلك على محبتك ورضوانك ، ونصل في نهاية المطاف إلى جنانك يا أرحم الراحمين.
* * *