فسار الملك والناس ، فاستنزلوه فأقر لهم بالذي فعل ، فأمر به فصلب ، فلما رفع على خشبته تمثل له الشيطان فقال : أنا الذي ألقيتك في هذا ، فهل أنت مطيعي في ما أقول لك أخلصك مما أنت فيه؟ قال نعم : قال : اسجد لي سجدة واحدة؟ فقال : كيف أسجد لك وأنا على هذه الحالة ، فقال : أكتفي منك ، بالإيماء ، فأومى له بالسجود فكفر بالله وقتل الرجل (١).
ولكن هذه القصة لا تتناسب مع سياق الآية ، لأن الظاهر منها هو وقوع البراءة في موقف الحساب يوم القيامة ، كما أن المسألة ليست مسألة الإنقاذ من القتل ، بل مسألة الإنقاذ من النار ، وقد نقلناها لما فيها من عبرة عما يمكن أن يثيره الشيطان من مشاكل للإنسان بفعل قدراته على الإغراء والتزيين ، وربما كانت مثل هذه الأقاصيص المذكورة في أسباب النزول ، لونا من ألوان التطبيق لبعض المعلومات القصصية على القرآن ، وهذه المعلومات هي مما كان يحفظه الناس عن اليهود ، (فَكانَ عاقِبَتَهُما) أي الشيطان والإنسان (أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها) لأن الإنسان يتحمل مسئولية نفسه ، بما يملكه من العقل الذي يبين له الحقيقة ، كما يتحمل الشيطان المسؤولية بفعل ما يمارسه من تضليل وإغواء وتهويل ، (وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) الذين يظلمون أنفسهم بالكفر والضلال ، أو يظلمون الناس الآخرين بإضلالهم وخداعهم مستغلين سذاجتهم الفكرية.
* * *
__________________
(١) مجمع البيان ، م : ٥ ، ص : ٣٩٧.