الإنسان لغده ، كجزء من حركة التقوى الروحية التي يدفعها شعورها بالمسؤولية أمام الله إلى رصد كل حسابات المستقبل الأخروي عنده ، من خلال دراسة الماضي والحاضر في ساحة العمل ، ليتخفف الإنسان من سيئاته إذا رأى حجمها كبيرا ، بالتوبة ، وليستزيد من حسناته إذا رأى عددها قليلا.
(وَاتَّقُوا اللهَ) بعد تصفية الحساب ، سواء كان إيجابيا في نتائجه أو سلبيا ، لتنفتحوا على الأعمال المنفتحة على الحق ، والمتحركة في مواقع الخير ، والسائرة على خط الاستقامة والعدل ، مما يفرض على الإنسان أن يؤكد معنى التقوى في أعماله المستقبلية ، فلا يقع في الأخطاء التي وقع فيها سابقا ، ولا يضيّع الفرص التي ضيّعها مما كان يستطيع معها أن يحصل على خير الدنيا والآخرة من أقرب طريق ، (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) وهذه هي الحقيقة الإيمانية التي تلتقون بها في آفاق الحقيقة الإلهية في إحاطة الله المطلقة بالكون كله ، وبالإنسان كله في سره وعلانيته ، وهي التي تعمق معنى التقوى في عقولكم وقلوبكم ومشاعركم وأعمالكم.
وعلى ضوء ما ذكرناه ، يتبين أن المراد من التقوى في الفقرة الأولى ، التقوى في مسئولية الاستعداد لغد الآخرة من خلال وعي المرحلة التي وصل إليها الإنسان في رحلته إلى الله ، حتى تكون استثارة التقوى في الوعي مقدمة للاستقامة على الخط ، في ما قطعه الإنسان من مراحل ، ليستقبل المراحل الأخرى بروح جديدة ، أما التقوى في الفقرة الثانية ، فالمراد بها التقوى في العمل في خط الامتداد المستقبلي ، وهناك أقوال أخرى منها : أن الأولى للتوبة عما مضى من الذنوب ، والثانية لاتقاء المعاصي في المستقبل. ومنها : أن الأولى في أداء الواجبات ، والثانية في ترك المحرمات : ومنها : أن الأولى هي التقوى في أصل إتيان الأعمال ، والثانية هي التقوى في الأعمال المأتية من حيث إصلاحها وإخلاصها. ومنها : أن الأمر