(أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) بما يمثله الفسق من تجاوز الحدود المفروضة من الله ومن انحراف عن الخط المستقيم ، ومن خروج عن طاعة الله.
وإذا كانت مسألة الجنة والنار هي مسألة القرب من الله بالاستقامة على خط الطاعة ، والابتعاد عن خط المعصية ، فإن من الطبيعي أن يكون الغافلون عن ذكره الذين يتحركون في خط الشهوات هم أصحاب النار ، لأنهم يبتعدون عن الله بقدر غفلتهم عنه ، كما أن من الطبيعي أن يكون الذاكرون لله بقلوبهم وألسنتهم ومواقع عملهم وسلامة مواقفهم هم أصحاب الجنة ، لأنهم يقتربون من الله ، بقدر انفتاحهم عليه ، وخوفهم من مقامه ، ووعيهم لمسؤوليتهم أمامه.
وإذا كانت المسألة بهذا الحجم وبهذا المستوى ، فإن من المفروض للباحثين عن قضية المصير في مستقبل الآخرة ، أن يحسنوا عملية الاختيار في العمل والمواقف ، ليحسنوا عملية الاختيار في الغاية والمصير ، وهذا ما توحي به هذه الآية الكريمة : (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) فهم ليسوا سواء في البداية وليسوا سواء في النهاية ، فهناك الاستقامة أو الانحراف ، وهناك الطهارة أو القذارة ، وهناك الرسالة أو الهوى ، وهناك العذاب أو الثواب. (أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) برضوان الله ورحمته ونعيمه ، وأصحاب النار هم الخاسرون ، من خلال غضب الله وعقابه ، فلا بد للإنسان من أن يختار ، وليس هناك إلا خيار واحد لمن يعرف كيف يواجه المسألة بمسؤولية ووعي وإيمان ، ليحصل على الفوز الكبير في رحاب الله.
* * *