وهي الكتب التي تتضمن العلوم والمعارف ، فتثقل ظهره كما تثقل التوراة أذهانهم ، ولكنه لا يعقل منها شيئا ، فلا تتغير حماريته بذلك مهما بلغت من الكثرة ، وهكذا لا تنتفع إنسانيتهم ولا حياتهم في مجراها العملي بما يملكون من ثقافة التوراة ، لأنها لا تزيد عن أن تكون مجرد كتاب وضع في مكتبة الإدراك الذهني من دون أن يتحول إلى حالة وجدانية شعورية تتصل بالإحساس العملي الحي.
(بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) وهم اليهود الذين كذبوا النبي في رسالته ، فأنكروا الوحي القرآني بعد أن أقام النبي عليهم الحجة البالغة في ذلك ، (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والعصيان ، وظلموا الحياة من حولهم بالوقوف ضد امتداد الحقيقة من خلال امتداد الرسالة في حياة الناس ، لأن مسألة الهداية مرتبطة بالإرادة الإنسانية للأخذ بأسبابها ، فإذا رفضها الناس فلا بد من أن تكون النتائج سلبية في هذا الاتجاه ، ولم يتكفل الله للظالمين من عباده أن يهديهم إلى الحق بطريق المعجزة ، بل وكلهم إلى أنفسهم ليلاقوا مصيرهم من خلال سوء اختيارهم ، في الوقت الذي وعد فيه المهتدين الذين يأخذون بأسباب الهدى أن يزيدهم هدى ويهديهم إلى المواقع العالية من رضاه.
* * *