يتطلبها ويسعى إليها إنما يرجو فضل الله الذي يملك الرزق كله في مصادره وموارده.
وقد جاء في الحديث عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام في ما رواه عمر ابن يزيد عنه قال : إني لأركب في الحاجة التي كفاها الله ، ما أركب فيها إلا التماس أن يراني الله أضحي في طلب الحلال ، أما تسمع قول الله عز اسمه : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) ، أرأيت لو أن رجلا دخل بيتا وطيّن عليه بابه ثم قال : رزقي ينزل علي أكان يكون هذا؟ أما إنه أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم. قال : قلت : من هؤلاء؟ قال : رجل يكون عنده المرأة فيدعو عليها فلا يستجاب له لأن عصمتها في يده لو شاء أن يخلي سبيلها ، والرجل يكون له الحق على الرجل فلا يشهد عليه فيجحده حقه فيدعو عليه فلا يستجاب له لأنه ترك ما أمر به ، والرجل يكون عنده الشيء فيجلس في بيته ولا ينتشر ولا يطلب ولا يلتمس حتى يأكله ثم يدعو فلا يستجاب له (١).
(وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً) فلا يكون الذكر مجرد حالة طارئة في حياة الإنسان ، في ما يمارسه من صلاة معينة في وقتها ، أو من ذكر واجب أو مستحبّ ، في زمان معين ، بل يكون حالة مستمرة يستشعرها الإنسان في قلبه ولسانه وحياته ، حتى يكون حضور الله في حياته ، هو الحضور الحي الذي يشمل الكيان كله ، بحيث لا يرى شيئا إلا ويرى الله معه ، فتتماسك أقواله وأفعاله ، وتتوازن خطواته ، ويستقيم سبيله في آفاق الله ، (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فإن الارتباط بالله المنفتح على جانب العقيدة والعمل هو سبيل الفلاح الوحيد للإنسان في الدنيا والآخرة ، لأنه هو الذي يؤكد التقوى الفكرية والروحية والعملية في كل مواقع حياته ، وقد جاء في الآية الكريمة : (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران : ٢٠٠].
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٩ ، ص : ٢٨٨.