وبأخرى ، يقفون وقفة النفاق التي تفتح أكثر من نافذة على الاستكبار ، لتنطلق من خلال خططه نحو الإضرار بالإسلام والمسلمين في مواقع الصراع الذي يخوضه ضد الكفر والاستكبار ، في الوقت الذي ينطلقون في داخل المجتمع بعناوين إسلامية تمنحهم حرية الحركة ، من خلال ما يملكونه من صفات رسمية أو اجتماعية أو اقتصادية ، مما يجعلهم فريسة سهلة لأجهزة المخابرات الدولية التي تحركهم كأدوات تخريبية ضد سلامة الاتجاه الإسلامي السليم.
وقد جاءت هذه السورة لتتحدث عن بعض ملامحهم العامة ، ليتعرف المسلمون إليهم من خلالها سواء أكان النفاق نفاقا عاما يتصل بالخطط العامة للكافرين في ما هو الكفر والإسلام ، أم كان النفاق نفاقا خاصا محدودا ببعض الخطط السياسية المضادة في ما هو الإسلام والاستكبار ، لأن المسألة في الأسلوب القرآني أن يفتح للإنسان النافذة الإسلامية الواسعة على الواقع في زواياه الخفية ، من أجل أن يتعرف على الناس في الساحات العامة والخاصة ، ليحترز من كيدهم ومكرهم في ما يمكن أن يحركوه من وسائل الكيد والمكر ، ليكون الإنسان المسلم هو الإنسان الواعي الذي يعرف كيف يواجه المشاكل الصعبة بعقل ذكيّ مثير ، يتغذى من النظرة واللمسة والملاحظة والقراءة ، بما يحقق له الكثير من عناصر الحماية على جميع المستويات.
ولم تكن هذه السورة السورة الأولى والأخيرة التي تحدثت عن المنافقين ، فهناك أكثر من سورة تعرضت لأوضاعهم العامة والخاصة ، ولكن هذه السورة أخذت عنوان «المنافقون» لأن بدايتها كانت تطرح الاسم بشكل صارخ بارز ، مما يجعل الحديث عنهم عنوانا لهذه الجماعة وللسورة.
* * *