وعبادته له ، والقيام بمسؤوليته الكبرى في خلافته عن الله في إدارة شؤون الحياة ، في نطاق قدراته الخاصة ، فلا عذر للإنسان في التخلي عن مسئوليته العامة والخاصة ، من خلال قدراته العقلية والجسدية ، لأن الله قد أحسن تجهيزها في نطاق الصورة العامة بأحسن تجهيز في أحسن صورة.
(وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) الذي يقف الناس جميعا في ساحته ليواجهوا نتائج قيامهم بدورهم المسؤول ، أو نتائج ابتعادهم عنه ، مما يفرض عليهم التدقيق في ما يأخذون به ، أو في ما يدعونه من أعمال وأوضاع.
وقد حاول صاحب الميزان أن يستوحي من هذه الآيات فكرة البعث فقال ـ تعليقا على هذه الآية ـ : «وبهذه الآية تتم المقدمات المنتجة للزوم البعث ورجوع الخلق إليه تعالى ، فإنه تعالى كان ملكا قادرا على الإطلاق ، له أن يحكم بما شاء ويتصرف كيف أراد ، وهو منزه عن كل نقص وشين ، محمود في أفعاله ، وكان الناس مختلفين بالكفر والإيمان ، وهو بصير بأعمالهم ، وكانت الخلقة لغاية من غير لغو وجزاف ، كان من الواجب أن يبعثوا بعد نشأتهم الدنيا لنشأة أخرى دائمة خالدة ، فيعيشوا فيها عيشة باقية على ما يقتضيه اختلافهم بالكفر والإيمان ، وهو الجزاء الذي يسعد به مؤمنهم ويشقى به كافرهم ، وإلى هذه النتيجة يشير بقوله : (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (١).
ونلاحظ على ذلك ، أن دراسة هذه الآيات توحي إلينا بأن الغرض من تتابع الصفات ، إيجاد الحالة الروحية العقيدية التي تطل على الله في الشعور في صفاته ، وعلى حركة الإيمان به في خط العمل ، والإطلالة من خلال ذلك على مسألة البعث ، كجزء من الهيكل الشامل للعقيدة لا كغاية من الحديث كله ، لأن السورة لا تطرح الإيمان باليوم الآخر كمشكلة فكرية ، بل تطرحه على أساس ما يمثّله من مفردة من مفردات العقيدة. والله العالم.
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٩ ، ص : ٣٠٩.