به من شؤون البلاء العامة أو الخاصة ، (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) في ما تمثله الأسباب الواقعية في نطاق سنن الله ، وذلك في طبيعة الوجود التكويني ، مما يوحي بأن الكون كله خاضع للسيطرة الإلهية في الإدارة والتدبير. وليس معنى ذلك أن هذه المصائب التي تحدث للإنسان موضع رضا الله ، من الناحية التشريعية ، لأن المسألة ليست مسألة الفعل المباشر من الله ، بل هي مسألة السبب الذي جعل الله إدارته بيد العباد ، وجعل العلاقة بينه وبين النتائج علاقة قانونية متصلة بالسنن العامة ، ولذلك نهى الله الإنسان عن إيجاد بعض الأسباب ، ودعا البعض ، الذين تمثل الأسباب بالنسبة إليهم لونا من الظلم والعدوان على النفس والمال والعرض ، إلى مواجهتها والثورة عليها بأسبابهم الخاصة ، بالمستوى الذي يعمل على منعها والتمرد عليها.
(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) لأن الإيمان بالله يفتح القلب على آفاق الله في عظمته ورحمته وألطافه المتعلقة بعباده ، مما يؤدي إلى أن يتحرك القلب في طريق الهداية بشكل طبيعي ، لأن الأسس التي ترتكز عليها الهداية كامنة في داخل العناصر الإيمانية. وبذلك ، تكون الهداية من الله ناشئة من أسبابها الطبيعية ، بالإضافة إلى بعض الألطاف الإلهية التي تزيد الهداية نموا أو إشراقا وعمقا في العقل والوجدان ، (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) في ما يحيط به من علاقات الأشياء ببعضها البعض ، وارتباط المسببات بأسبابها ، وحركة الإنسان في داخل عقله وروحه.
* * *