الزوج في الرجوع إليها ، وحرمة زواجها بغيره.
(وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) فلا تستسلموا للعقدة الذاتية التي أدت إلى الطلاق فتطردوهن على أساس الشعور العدواني ، (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) التي كنّ يسكنها قبل الطلاق ، بل يجب إبقاؤهن فيها ، (وَلا يَخْرُجْنَ) بأنفسهن لأن طبيعة العدة الرجعية تجعل المطلقة بحكم الزوجة واقعيا ، فليس لها أن تقترن بشخص آخر في هذه المدة ، وللزوج أن يرجع إليها من دون عقد ومن دون أن يكون لها حق الاختيار في الرفض ، فتعود الزوجة إليه بمجرد اختياره الرجعة وإعلانه ذلك على مستوى الالتزام ، مما لا يترك لها حرية التحرك في هذه الفترة بعيدا عن رضا الزوج المطلق ، (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) أي ظاهرة كالزنى والبذاء وإيذاء أهلها ، في ما روي التمثيل به عن أئمة أهل البيت عليهالسلام.
(وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) التي جعلها الله في دائرة العلاقات الزوجية في حالة الطلاق ، فلا يجوز للمؤمن أن يتعداها ، فيقدم أو يؤخر أو يفعل ما يجب تركه ، أو يترك ما يجب فعله ، (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) لأن الله قد جعلها لمصلحة الإنسان ، كما أن التمرد على أحكام الله ، في ما يوحي به من التعرض لعقابه ، من خلال ما يستلزمه من سخطه ، يمثل ظلما للنفس في تعريضها لدخول النار.
(لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) أي أن هذه الفترة التي جعلها الله محطة للتأمل من قبل الزوج والزوجة ، وفرصة للرجوع ، قد تغير الظروف التي فرضت الطلاق ، وقد تفسح المجال لمشاعر جديدة ولمشاريع وفاقية ، حيث يذوب الانفعال ، وتتبخر المشاعر المضادة ، وتهدأ الأعصاب المتوترة ، ويقف كل منهما وجها لوجه أمام الفراغ العاطفي في ما كان يعيشه قبل ذلك من الامتلاء الروحي بالمعاني العاطفية ، لتنطلق مسألة العودة بشكل جدي ، فلا تجد أمامها حاجزا ، بل تجد الساحة جاهزة للّقاء في روحية جديدة ، تتمرد