الغيبية التي يمنحها الله ، أو نحو المجهول الغامض الذي يكشفه ، ولكن لا على أساس أن يجلس جلسة الاسترخاء التي ينتظر فيها الفرج من غامض علم الله ، من دون سعي ولا حركة ، بل يبقى في حركة المندفعة نحو الغاية ، مترقبا ثغرة في هذا الحائط المسدود ، أو مدخلا في هذا الطريق الضيق ، في ما يمكن أن يكون قد أغلق عليه أمره ، أو في ما يمكن أن يفتحه الله عليه ، فلا تكون القضية عنده فرصة للكسل ، بل انطلاقة للعمل.
٢ ـ أن يبقى الإنسان مشدودا إلى مسألة الرزق على أساس أن أمره بيد الله ، فإذا أغلق عنه باب ، فهناك أكثر من باب مفتوح في علم الله ، وإذا ضاق به مصدر ، فهناك أكثر من مصدر ، مما يجعله يعيش الضيق على أساس انتظار السعة ، والشدة على أساس انتظار الرخاء ، الأمر الذي يعينه على التمرد على إغراءات الآخرين الذين يستغلون أوقات الضيق لدى الإنسان المؤمن ، ليلوحوا له بالمال الذي يفقد معه حريته ، في ما يفرضونه عليه من شروط صعبة من أجل أن يستعبدوا بها إنسانيته ، ويضغطوا بها على قراره ، وينحرفوا به على أساسها وعن الطريق المستقيم. وهذا هو ما يعيشه الضعفاء أمام حاجاتهم المعاشية عند ما يواجهون الحصار المالي في كل جوانب حياتهم.
إن الآية توحي للمؤمن بأن عليه الصبر الواعي الذي يحفظ به موقفه لينتظر الرزق من الله من حيث لا يحتسب ، تماما كما هي الإشراقة القوية التي تصدم الظلام بقوة فجائية فتطرده بشكل سريع.
٣ ـ الثقة بالله في وعده ، من خلال الإيمان بأنه بالغ أمره ، وبأنه الكافي لمن توكّل عليه ، ولا كافي غيره ، لينفتح عليه من أوسع الآفاق ، وليثق بحياته السائرة في خطه من أوسع الآفاق ، على أساس الإيمان به.
٤ ـ الإحساس بأن الحياة في انتصاراتها وهزائمها وفي أفراحها وأحزانها ، لا تتحرك في أجواء الفوضى ، بل تخضع لنظام كونيّ متوازن ، يضع كل شيء