الناس على أساس القاعدة السهلة السمحة في الشريعة ، وفي نطاق الوعد الإلهي بتسهيل أمور المتقين في ما يستقبلونه في حياتهم من الصعاب والمشقات ، رأفة بهم وتشجيعا لهم على فعل الخير ، والتزام التقوى.
(ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ) في ما حدده لكم من أحكامه في شؤون العدة في الطلاق ، (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) في الالتزام بها (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ) لأن الطاعة تطرد السيئة في نتائجها الأخروية ، (وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) في ما يجزي به الله المتقين على أعمالهم الخيرة ، ولعل مجرى هذه الآية يلتقي مع مجرى الآية الكريمة في قوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) [النساء : ٣١].
(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) وهذا هو التشريع المتعلق بالمطلقة من حيث سكناها في مدة العدة. فلا بد للمطلق من أن يسكنها في حدود إمكاناته المادية ، في نوعية المسكن ، على الموسر قدره ، وعلى المعسر قدره. (وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَ) كما يفعل بعض الأزواج الذين يقصدون الإضرار بالمطلقة من خلال العقدة النفسية المستحكمة ضدها ، فيوجهون إليها الضرر الذي يشق تحمله في النفقة والسكنى ، بحيث تقع في الضيق والحرج الشديد.
(وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) مهما طالت مدة الحمل ، فإن الإنفاق عليهن ينطلق من موقع خصوصية العدة في طبيعتها وخصوصية الحمل الذي يكون الإنفاق عليها من شؤون الإنفاق عليه.
(فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ) بعد وضع الحمل ، (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) لأن مسئوليته على الأب لا على الأم ، باعتبار أن ذلك من مفردات الإنفاق. فللأم أن تأخذ الأجر على الإرضاع ، حتى لو كان الرضيع ولدها ، كأية امرأة عاملة تستحق أجرا على عملها.