المنفتح الى الحق الذي يرتبط بالإيمان بالله ورسله برباط وثيق.
وفي ضوء ذلك ، فإن التقوى العملية السائرة على خط الشريعة الحقة في أحكامها ومفاهيمها ، تلتقي بالعقل الذي يرى فيها خط السلامة في الدنيا والآخرة ، وبالإيمان الذي يرى فيها الانسجام مع إرادة الله ورضاه.
(قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً) يخطط لكم المنهج الصحيح في حياتكم ، ليؤدي بكم إلى النهاية السعيدة التي تذكركم بالله كلما نسيتموه ، وباليوم الآخرة كلما أغفلتموه ، وبالرسالة التي تحملتم مسئوليتها منذ آمنتم بها كلما ابتعدتم عن خطها المستقيم.
(رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ) ولعلّ إطلاق الذكر على الرسول باعتبار أنه يجسّد القرآن الذي يشتمل على الذكر الإلهي ، فيكون باعثا على التذكر في ما يتلوه من آيات الله المبينات. أمّا كيف نتصور إنزال الرسول ، فقد فسّره البعض بالإنزال من عالم الغيب ، أي بعثه منه ، وإظهاره لهم رسولا من عنده بعد ما لم يكونوا يحتسبون ، وقد فسّره صاحب الكشاف بجبريل (١) باعتبار إنزاله من السماء ، ويكون حينئذ معنى تلاوته الآيات عليهم تلاوته على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بما أنه متبوع لقومه ووسيلة الإبلاغ لهم ، لكن ظاهر قوله تعالى «يتلو عليكم ... إلخ» خلاف ذلك.
ويحتمل أن يكون «رسولا» منصوبا بفعل محذوف ، والتقدير أرسل رسولا يتلو عليكم آيات الله ، ويكون المراد بالذكر القرآن أو ما بيّن فيه من الأحكام والمعارف. وقد يكون الأقرب أن يكون رسولا بدلا قريبا من أجواء بدل الاشتمال باعتبار أن إنزال الذكر يختزن في داخله وجود رسول يبلغه ويتلوه بعد أن كان الإنزال بشكل غير مباشر ، والله العالم.
__________________
(١) تفسير الكشاف ، ج : ٤ ، ص : ١٢٣.