جانب الهيبة له والتعظيم لمقامه.
ويتصاعد الأسلوب الإيحائيّ ليواجههما وغيرهما من نساء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالحقيقة التي تؤكد لهن بأنهن لا يمثلن النموذج الوحيد للمرأة الصالحة التي تكون في مستوى أن تكون زوجة للنبيّ ، فهناك نساء أخريات من سائر الناس ممن يمكن أن تتمثل فيهن الصفات الخيّرة المتناسبة مع الجوّ الروحي الإيماني ، المتناسب مع شخصية النبي وروحيته وموقعه الرسالي ، ليكن البديل عنهنّ ، إذا اقتضت رغبته أو المصلحة الرسالية أن يطلقهنّ وينفصل عن العلاقة الزوجية بهنّ ، فلا يعتبرن أنفسهنّ في الموقع المميز الذي لا بديل له.
(عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ) يتميزن بالتقوى المنفتحة على كل جوانب الإيمان والعمل الصالح (مُسْلِماتٍ) في ما يمثله الإسلام من الانتماء لهذا الدين ، من إسلام القلب والعقل والوجه واليد واللسان لله ، (مُؤْمِناتٍ) في ما هو الإيمان القلبي الذي يتعمق في الفكر والإحساس (قانِتاتٍ) من خلال التزامهن طاعة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وابتعادهن عن معصية الله ومعصيته ، (تائِباتٍ) من كل الذنوب التي ألممن بها في تاريخهن الخاص ، (عابِداتٍ) لله في كل ما تمثله العبادة من الخضوع المطلق له والخشوع الروحي بين يديه ، (سائِحاتٍ) أي صائمات ، كما ذكر ، أو سائحات في طاعة الله وطلب رضاه ، (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) في ما ترغبه نفسه من ذلك من ألوان النساء.
وهكذا رأينا كيف عالج الإسلام هذه المسألة الشخصية في حياة النبي وأزواجه ، بالتأكيد على الجانب العملي المنسجم في خط الرسالة في واقع زوجاته ، للتأكيد على ما أسلفنا الحديث عنه ، بأن التقوى هي القيمة في المنزلة ، وليست الموقع الذي يتخذه لنفسه ، في حياة الأنبياء والأولياء.
* * *