(وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) فقد حرم الله على الناس قول هذه الكلمة ، ورفض اعتبارها صيغة طلاق ، واعتبرها كلاما باطلا لا قيمة له ولا معنى (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ (١) غَفُورٌ) للتائبين من الذنب ، الراجعين إلى خط الطاعة. وهل تعني هذه الفقرة أن الظهار حرام معفوّ عنه ، على أساس أنها مختصة به ، أو أنها كلمة تتحدث عن العفو والمغفرة الإلهية كخط عام في صفات الله؟ ذهب بعض الفقهاء إلى الأول ، وذهب الشهيد الثاني إلى الثاني.
(وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) فلا بد لهم من التكفير عن ذلك بطريقة عملية ، فلا يكفي الندم وحده ، فليعتق الزوج رقبة ، وليحررها ، ليكون ذلك رمزا للحرية ، الروحية التي يريد أن يؤكدها في ذاته ، لتتحرر إرادته بذلك من سيطرة الخطيئة ، كما يحرر إنسانا آخر من سيطرة العبودية في عبودية الإنسان للإنسان ، (ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ) في ما يريده الله لكم من دفع ضريبة الخطيئة بطريقة وبأخرى ، حتى يكون ذلك تأكيدا للندم في خطه العملي ، (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فهو الذي يعرف عمق الفعل في خلفياتكم الروحية ، ويعرف كيف يحرك التوبة في ضمائركم لترجعوا عن الخطأ من ناحية عملية.
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) فذلك هو السبيل لإحساس الجسد بالحرمان في الصيام ككفارة للتعدي على حدود الله ، فلا يعود إلى ذلك في المستقبل (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) ليكون الإطعام في ما يمثله من عبادة العطاء وجها من وجوه التعبير عن التضحية بالمال الذي يحل به المشكلة الغذائية للجائعين من المساكين ، ليحل به مشكلته الروحية ، (ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) في الجانب العملي من الإيمان ، (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) في حرماته التي أراد لعباده أن لا يتجاوزوها ، كدليل على الإخلاص للإيمان الحق (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) في ما تجاوزوه من حدود الإيمان في العقيدة والعمل ، مما قد يوحي بأن المراد به الكفر العملي لا العقيدي.
* * *