فيها الشيطان بكلّ حرية في إضلال الناس وإبعادهم عن الله ، (فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) يسحق أوضاعهم الاستعراضية وزهوهم الاستكباري وتعاظم شخصياتهم ، ليواجهوا المهانة في العذاب يوم القيامة في مقابل الامتيازات الطارئة المنتفحة التي كانوا عليها في مواقف النفاق.
(لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) لأن القوة التي تقدمها إليهم الأموال أو يتحرك بها الأولاد ، قد تغني عنهم أمام قوة الناس ، ولكنها لا تغني شيئا أمام قوة الله التي لا يثبت أمامها شيء ، (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) لأنهم عملوا لها من خلال الروحية الخبيثة السوداء التي تختفي وراء مواقفهم ، فتتحرك أعمالهم العدوانية في هذا الجو ، لتقهر القوة الإسلامية بكل قوة ، لمصلحة الكفر والكافرين ، والاستكبار والمستكبرين.
(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) لأن هذه العادة قد تأصلت في نفوسهم بحيث أصبحت جزءا من شخصياتهم ، فيمارسونها بشكل عفويّ من دون شعور ، فلا يفكرون أن الحلف الكاذب أمام الناس قد يمر عليهم ، فلا ينكشف أمره لوجود بعض الحواجز التي تحجب الحقيقة عنهم ، ولكن الحلف أمام الله لا يمكن أن يمرّ من دون انكشاف الكذب فيه ، فهو الذي يعلم سرهم كما يعلم علانيتهم ، فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء. فكيف يمكن لهم أن يواجهوا المسألة بهذه الطريقة؟ إنها الغفلة المطبقة على العقول والأفكار التي تمنع الإنسان من التفكير السليم.
(وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ) من الثبات على القاعدة التي تحمي مواقعهم ومواقفهم ومصائرهم ، ولكنها القاعدة المهتزة اهتزاز النفاق في مواقعه وحركته ، فلا استقرار لهم على شيء ، تماما كما هو الذي يتحرك في الفراغ ، فلا شيء إلا الهواء ، ولا مجال إلا للسقوط ، (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ) في دفاعهم عن أنفسهم في الآخرة ، تماما كما هو الحال في الدنيا.