اليهودي على سائر البشر ، بل كل ما هناك أنهم يستغلون الثغرات الموجودة في كل مجتمع ، لينفذوا إليه من خلالها ، وليعبثوا فيه ما أمكنهم العبث ، وليفسدوا فيه ما أمكنهم الإفساد.
وهكذا كان هؤلاء المنافقون مذبذبين في الموقف بين اليهود وبين المؤمنين ، مما يجعلهم يفقدون شخصيتهم الأصيلة ، في ما هو الانتماء الروحي والفكري على مستوى الاستقرار والثبات.
(وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) وتلك هي سيرتهم عند ما يشعرون بأن المؤمنين لا يمنحونهم الثقة ، أو يخيل إليهم ذلك من خلال القلق النفسي الذي يعيشون فيه على أساس الواقع النفاقي الذي يتمثل في داخلهم ، فيلجئون إلى الحلف الكاذب الذي يحاولون فيه تغطية أوضاعهم السرية المشبوهة ، وإخفاء مواقفهم السيئة ، (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً) لأنهم يمثلون في نفاقهم الخطورة الكبيرة على المجتمع المسلم في ما يكيدون له ، وفي ما يكيد له الأعداء من خلالهم بإثارة المشاكل في داخله ، وتحريك عناصر الخوف في مواقعه (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) لأنهم ينطلقون فيه من العقدة الخبيثة الكامنة في مواقع الحقد والعداوة من شخصياتهم ، مما يجعلهم في حركة دائمة للإضرار بالإسلام والمسلمين.
(اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) أي درعا يتقون به من الأفكار الاتهامية التي يحملها المسلمون تجاههم ، فيعملون على تأكيد إخلاصهم وصدقهم ومزاعمهم بالأيمان الكاذبة ، للإيحاء بالموقف القوي الثابت الذي يقفونه ، وبالعمق الإيماني الذي يتمثلونه. وهكذا كان البسطاء من الناس يصدقونهم ، ويثقون بأيمانهم ، فينجذبون إليهم ، وينقادون لهم ، وينفذون مخططاتهم.
(فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) وأبعدوا هؤلاء البسطاء الطيبين من المسلمين عن خط الاستقامة ، وقادوهم إلى مواقع الانحراف في متاهات الضلال التي يتحرك