تخصيص العبادة والاستعانة بالله سبحانه
إنّ المسلم في شرق الأرض وغربها ، يخصّ العبادة والاستعانة بالله سبحانه في كلّ يوم في صلواته الخمس فيقول : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (١) ولا خلاف بين المسلمين في هذه الضابطة الكلّية ، أي أنّ العبادة مختصّة بالله سبحانه ، ولا يصحّ إصدار هويّة إسلامية لشخص إلّا بعد الاعتراف بهذه الكُبرى ، وإنّما الخلاف بينهم في بعض الأُمور والأحوال الخارجية ، فهل هي عبادة أو لا؟ فلو صحّت كونها عبادة ، فلا يجوز الإتيان بها لغيره سبحانه وإن أتى بها لغيره يُعدّ مشركاً.
مثلاً تقبيل الأضرحة هل هو عبادة لصاحب القبر أو تكريم وتعظيم له؟ وهكذا الصلاة في المشاهد وعند قبور الأنبياء ، فهل هي عبادة لصاحب القبر (وإن كانت الصلاة لله) أو هي عبادة لله ولكن تتضمّن التبرّك بصاحب القبر؟
ومثل ذلك مسألة الاستعانة في نفس الآية ، فمع الاعتراف بحصر الاستعانة بالله سبحانه ، فلا شكّ عند العقلاء عامّة أنّه تجوز الاستعانة بالأحياء في الأُمور الدنيوية ، ولكن إذا استعان بإنسان حيّ فيما يرجع إلى الأُمور الغيبية ، كردّ ضالته
__________________
(١) سورة الفاتحة : ٦.