باسم نبيّ أو صالح بشيء فقد دعا النبيّ والصالح ، والدعاء عبادة بل مخُّها ، فقد عبد غير الله وصار مشركاً (١).
الجواب :
إنّ النقطة الحاسمة في الموضوع تكمن في تفسير الدعاء وهل كل دعاء ، عبادة وبينهما من النسب الأربع هي التساوي حتّى يصحّ لنا أن نقول كلّ دعاء عبادة ، وكلّ عبادة دعاء ، أو أنّ الدعاء أعمّ من العبادة وأنّ قسماً من الدعاء عبادة وقسماً منه ليس كذلك؟ والكتاب العزيز يوافق الثاني لا الأوّل ، وإليك التوضيح :
لقد استعمل القرآن لفظ الدعاء في مواضع عديدة ، ولا يصحّ وضع لفظ العبادة مكانه ، يقول سبحانه حاكياً عن نوح : (رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً) (٢) وقال سبحانه حاكياً عن لسان إبليس في خطابه للمذنبين يوم القيامة : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) (٣) إلى غيرهما من الآيات التي ورد فيها لفظ الدعاء ، أفيصحّ القول بأنّ نوحاً دعا قومه أي عبدهم ، أو أنّ الشيطان دعا المذنبين أي عبدهم؟ كلّ ذلك يحفزنا إلى أن نقف في تفسير الدعاء وقفة تمعّن حتى نميّز الدعاء الذي هو عبادة عمّا ليس كذلك.
والإمعان فيما تقدّم في تفسير العبادة يميِّز بين القسمين ؛ فلو كان الداعي والمستعين بالغير معتقداً بألوهية المستعان ولو ألوهية صغيرة كان دعاؤه عبادة ، ولأجل ذلك كان دعاء عبدة الأصنام عبادة ؛ لاعتقادهم بألوهيتها ، قال سبحانه : (فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) (٤).
__________________
(١) تنزيه الاعتقاد كما في كشف الارتياب : ٢٨٤.
(٢) نوح : ٥.
(٣) إبراهيم : ٢٢.
(٤) هود : ١٠١.