ولا ينفع أبداً.
ولقد كانت لهذه الفكرة الباطلة صيغة أُخرى عند اليهود ، فهم كانوا يعتمدون على مسألة الانتساب إلى الآباء وبيت النبوة ، فزعموا أنّ الثواب لهم والعقاب على غيرهم حيث قالوا : (نَحنُ أبناءُ اللهِ وأحبّاؤُهُ) (١) أو قالوا : (لَنْ تَمَسَّنا النّارُ إلّا أيّاماً مَعدودَة) (٢) ، وفي ظلّ هذه الفكرة اقترفوا المنكرات واستحلّوا سفك دماء غيرهم من الأقوام والأُمم والاستيلاء على أموالهم.
والحق الذي عليه الكتاب والسنّة هو : أنّ المنجي هو الإيمان المقترن بالعمل الصالح ، كما أنّ التسويف في إتيان الفرائض باطل جداً ، وهو أن يؤخّر الإنسان الواجب ويقول سوف أحجّ مثلاً ، ويقول ذلك كلّ سنة ويؤخر الفريضة.
وهذا هو الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام يؤكّد في خطبته على العمل إذ يقول : «وإنّ اليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا عمل» (٣).
ويقول : «ألا وإنَّ اليومَ المِضمارَ وغداً السباق ، والسَّبَقةُ الجنّة ، والغايةُ النار ، أفلا تائب من خطيئته قبل منيته ، أَلا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه» (٤).
وهذا هو ما اتّفقت عليه الأُمّة الإسلامية وتضافرت عليه الأحاديث والأخبار.
انتفاع الإنسان بعمله وبعمل غيره
لكنّه سبحانه بفضله وجوده الواسعين وسّع على الإنسان دائرة الانتفاع بالأعمال بحيث شمل الانتفاع بعد الموت ، بالأعمال التي تتحقّق بعد الموت ، وهي
__________________
(١) المائدة : ١٨.
(٢) آل عمران : ٢٤.
(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ٤٢.
(٤) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٨.