المبحث الأوّل
حقيقة الإنسان ؛ روحه ونفسه
لم يزل الإنسان عبر القرون يبحث عن الحياة وحدّها ومنشئها ومُنتهاها بحثاً حثيثاً ، كي يقف على معالمها وآثارها وكيفية حدوثها بين الموجودات الحيّة. وقد أدّى هذا البحث والولع الشديدان إلى نشوء قسم مختص يعرف ب «عالم الأحياء» ، وقد كرّس لفيف من العلماء جُلَّ أعمارهم في سبيل ذلك وخرجوا بنتائج باهرة معروفة.
والغاية القصوى من دراسة الظاهرة الحياتية ، هي الوقوف على واقعِ الإنسان ، وهل هو عبارة عن هيكل ماديّ متكوّن من عروق وأعصاب وعظام وغيرها من المكوّنات المادية فحسب ، أم أنّ هناك وراء هذا المظهر المادّي جوهراً آخرَ يكوِّن حقيقة الإنسان ويُشيّد واقعه والإنسان به يكون إنساناً؟
وبعبارة أُخرى : أنّ الباحث يحاول أن يقف على ذاته وواقعه ، وأنّه هل هو موجود آليّ مركب من أدوات مادية مختلفة تتفاعل أجزاؤه بعضها ببعض ، أو أنّ وراء هذا الموجود الآليّ حقيقة قدسية هي واقع الإنسان وهي المدبّرة لما تراه وتظنّه إنساناً؟