عبّاس قال : طلّق ركانة بن عبد يزيد أخو بني مطلب امرأته ثلاثاً في مجلس واحد فحزن عليها حزناً شديداً قال : فسأله رسول الله : «كيف طلّقتها؟» قال : طلّقتها ثلاثاً. قال ، فقال : «في مجلس واحد؟» قال : نعم. قال : «فإنّما تلك واحدة فرجعها إن شئت». قال : فأرجعها. فكان ابن عباس يرى إنّما الطلاق عند كلّ طهر (١).
الاجتهاد مقابل النص
التحق النبيّ الأكرم بالرفيق الأعلى ، وقد حدث بين المسلمين اتّجاهان مختلفان ، وصراعان فكريّان ؛ فعليّ ومن تبعه من أئمّة أهل البيت ، كانوا يحاولون التعرّف على الحكم الشرعي من خلال النصّ الشرعي آية أو رواية ، ولا يعملون برأيهم أصلاً ، وفي مقابلهم لفيف من الصحابة يستخدمون رأيهم للتعرّف على الحكم الشرعي من خلال التعرّف على المصلحة ووضع الحكم وفق متطلّباتها.
إنّ استخدام الرأي فيما لا نصّ فيه ، ووضع الحكم وفق المصلحة أمر قابل للبحث والنقاش ، إنّما الكلام في استخدامه فيما فيه نصّ ، فالطائفة الثانية كانت تستخدم رأيها تجاه النص ، لا في خصوص ما لا نصّ فيه من كتاب أو سنّة بل حتّى فيما كان فيه نصّ ودلالة.
يقول أحمد أمين المصري : ظهر لي أنّ عمر بن الخطاب كان يستعمل الرأي في أوسع من المعنى الّذي ذكرناه ، وذلك أنّ ما ذكرناه هو استعمال الرأي حيث لا نصّ من كتاب ولا سنّة ، ولكنّا نرى الخليفة سار أبعد من ذلك ، فكان يجتهد في تعرّف المصلحة الّتي لأجلها نزلت الآية أو ورد الحديث ، ثمّ يسترشد بتلك المصلحة في
__________________
(١) أحمد بن حنبل ، المسند ١ : ٢٦٥.