المبحث الخامس
شبهات حول زيارة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله
استفاضت السنّة النبوية ـ كما مرّ ـ على استحباب زيارة الرسول ، ودلّت السيرة القطعية طوال القرون ، المنتهية إلى عصر الصحابة والتابعين ، على أنّها من السنن المطلوبة ، وأنّ شدّ الرحال إليها كشدّ الرحال إلى سائر الأُمور المسنونة ، وأكّد أعلام المذاهب على كونها أمراً قُرْبيّاً ، لذا فالتشكيك في جواز زيارة الرسول أشبه بالتشكيك في أمر بديهي ، ولا غرو في التشكيك فيها ، فقد شكك عدّة من فلاسفة الاغريق في أبده الأُمور وأوضحها ، حتّى شكّوا في كلّ شيء ، بما في ذلك ذواتهم وأنفسِهم ، وتفكيرهم وتعقّلهم ، حتّى في حرارة النار وبرودة الماء ، ولو لا قيام الحكماء الإلهيين كسقراط ، وبعده أفلاطون وأرسطو ، في وجوه هؤلاء المنسلخين عن الإنسانية لعمّ الداء العياء وجه البسيطة.
وما نذكره في المقام من الشبه والتشكيكات لم يذكرها ابن تيمية في كتبه ، وإنّما نقلها الإمام السبكي عن خطّه ، ويجترّها أتباعه من دون وعي ، وإليك بيانها وتحليلها.