طلاقاً واحداً ، فهو وإن كان حقاً ، لكنّه خارج عن موضوع بحثنا ، وإليك الاستدلال بالكتاب أوّلاً ، والسنّة ثانياً.
أوّلاً : الاستدلال بالكتاب :
١ ـ قوله سبحانه : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ).
تقدّم أنّ في تفسير هذه الفقرة من الآية قولين مختلفين ، والمفسّرون بين من يجعلها ناظرة إلى الفقرة المتقدّمة أعني قوله : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ ...) ومن يجعلونها ناظرة إلى التطليق الثالث الّذي جاء في الآية التالية ، وقد عرفت ما هو الحق ، فتلك الفقرة تدلّ على بطلان الطلاق ثلاثاً على كلا التقديرين.
أمّا على التقدير الأوّل ، فواضح ؛ لأنّ معناها أنّ كلّ مرّة من المرّتين يجب أن يتبعها أحد أمرين : إمساك بمعروف ، أو تسريح بإحسان.
قال ابن كثير : أي إذا طلّقتها واحدة أو اثنتين ، فأنت مخيّر فيها ما دامت عدّتها باقية ، بين أن تردّها إليك ناوياً الإصلاح والإحسان وبين أن تتركها حتّى تنقضي عدّتها ، فتبين منك ، وتطلق سراحها محسناً إليها لا تظلمها من حقّها شيئاً ولا تضارّ بها (١). وأين هذا من الطلاق ثلاثاً بلا تخلّل بواحد من الأمرين ـ الإمساك أو تركها حتّى ينقضي أجلها ـ سواء طلّقها بلفظ : أنتِ طالق ثلاثاً ، أو : أنتِ طالق ، أنتِ طالق ، أنتِ طالق.
وأمّا على التقدير الثاني ؛ فإنّ تلك الفقرة وإن كانت ناظرة لحال الطلاق الثالث ، وساكتة عن حال الطلاقين الأوّلين ، لكن قلنا إنّ بعض الآيات ، تدلّ على أنّ مضمونه من خصيصة مطلق الطلاق ، من غير فرق بين الأوّلين والثالث فالمطلّق يجب أن يُتبعَ طلاقه بأحد أمرين :
__________________
(١) ابن كثير ، التفسير ١ : ٥٣.