الأمر على ما قالوه ، بل هم أحياء على الحقيقة إلى يوم القيامة (١).
وأدب التفسير الصحيح يبعثنا على أن نفسّر الحياة بمعناها الحقيقي أي ما يفهمه عموم الناس من لفظة «حيّ» خصوصاً بقرينة الآية الثالثة ؛ حيث أثبتت للشهداء الرزق والفرح والاستبشار كما سيجيء ، فتفسير الآية بأنّهم سيحيون يوم القيامة تفسير باطل ؛ لأنّ الإحياء في ذلك اليوم عامّ لجميع الناس ولا يختصّ بالشهداء ، كما أنّ تفسير الحياة في الآية بمعنى الهداية والطاعة قياساً لها بقوله سبحانه : (أوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأحيَيناهُ وجَعلْنا لَهُ نُوراً يَمشي بهِ في النّاس) (٢) حيث جعل الضلال موتاً والهداية حياة قياس باطل ؛ لوجود القرينة على تفسير الحياة بالهداية والموت بالضلال فيها دون هذه الآية.
وسيوافيك تفنيد هذين الرأيين عن الرازي في تفسير الآية الثالثة.
ومعنى الآية (ولا تَقولوا لِمَنْ يُقتلُ فِي سبيلِ اللهِ أمواتٌ) أي لا تعتقدوا فيهم الفناء والبطلان ، فليسوا بأموات بمعنى البطلان ، بل أحياء ولكن حواسّكم لا تنال ذلك ولا تشعر به.
وعلى ذلك فالآيتان تثبتان للشهداء حياة برزخية غير الحياة الدنيوية وغير الأُخروية ، بل حياة متوسطة بين العالمين.
الآية الثالثة
قال سبحانه :
١ ـ (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ
__________________
(١) الواحدي ، أسباب النزول : ص ٢٧. ط. دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(٢) الأنعام : ١٢٢.