٤ ـ لا بدّ من ترك فرش السجاد على المنبر لأنّها ليست موضعاً للصلاة (١).
هذه نماذج من أفكار الرجل حول البدعة ، افترى أنّ الإسلام الذي يعرفه هذا الرجل المتزمّت ممّا يصلح نشره في العالم ، ويصلح لدعوة المثقّفين والمفكّرين إليه ، وهل هذا هو الإسلام الذي يصفه النبيّ صلىاللهعليهوآله بالحنيفية السمحة السهلة؟!
الأصل في العادات الإباحة
كان على هؤلاء الذين يتحدّثون باسم الإسلام أن يدرسوا الكتاب والسنّة ويقفوا على أنّ الأصل في العادات الإباحة ما لم يدلّ دليل على خلافها ، فإنّ كلّ ما ذكره من الأُمور عادية حتّى سكب ماء الورد على قبر الميت احتراماً له ، من هذه الأُمور التي يتصوّرها ابن الحاج من البدعة والأصل فيها الإباحة لا الحظر ، فانّ الحكم بالحظر بدعة ، صدر من القائل (٢).
يقول سبحانه : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (٣) ويقول : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً) (٤) ومعنى الآيتين أنّه ليس من شأن الله أن يعذّب الناس أو يهلكهم قبل أن يبعث رسولاً ، وليست لبعث الرسول خصوصية وموضوعية. ولو أُنيط جواز العذاب ببعثهم فإنّما هو لأجل كونهم وسائط للبيان والإبلاغ ، والملاك هو عدم جواز التعذيب بلا بيان وإبلاغ ، فتكون النتيجة أنّه لا يحكم على حرمة شيء قبل بيان حكمه ووصوله إلى يد المكلّف. وهذه الأُمور التي أضفى ابن الحاج عليها اسم البدعة ، كلّها أُمور عادية ما ورد النهي عنها ، مثلاً :
__________________
(١) المدخل ٢ : ٢٦٤.
(٢) انظر الاعتصام ٢ : ٧٩ ـ ٨٢.
(٣) الإسراء : ١٥.
(٤) القصص : ٥٩.