«أبداً» فهي للاستغراق الزماني.
فيكون معنى الآية الكريمة : أنّ الله تعالى ينهى نبيّه صلىاللهعليهوآله عن مطلق الاستغفار والترحّم على المنافق ، سواء كان بالصلاة أو مطلق الدعاء ، وينهى عن مطلق القيام على القبر ، سواء كان عند الدفن أو بعده. ومفهوم ذلك هو أنّ هذين الأمرين يجوزان للمؤمن.
وبهذا يثبت جواز زيارة قبر المؤمن وجواز قراءة القرآن على روحه ، حتّى بعد مئات السنين.
هذا بالنسبة إلى المرحلة الأُولى وهي أصل الزيارة من وجهة نظر القرآن ، وأمّا بالنسبة إليها من ناحية الأحاديث فإليك بيانها :
زيارة القبور في السنّة النبوية
إنّ النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله جسّد بعمله مشروعية زيارة القبور ـ مضافاً إلى أنّه أمر بها كما مرّ ـ وعلّم كيفيتها ، وكيف يتكلّم الإنسان مع الموتى ، فقد ورد في غير واحد من المصادر ، أنّه صلىاللهعليهوآله زار البقيع ، وإليك النصوص :
١ ـ روى مسلم عن عائشة أنّها قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله كلّما كان ليلتها من رسول الله صلىاللهعليهوآله يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول : «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون ، غداً مؤجَّلون وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهمّ اغفر لأهل بقيع الغرقد» (١).
٢ ـ وعن عائشة في حديث طويل أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال لها : «أتاني جبرئيل فقال : إنّ ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم» قالت : قلت : كيف أقول لهم يا
__________________
(١) مسلم ، الصحيح ٣ : ٦٣ ، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها من كتاب الجنائز.