أهلكهم بالصّيحة يقول سبحانه : (وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ)
أي : كان إهلاكهم عن آخرهم بأيسر أمر وهي صيحة واحدة حتى هلكوا بأجمعهم فإذا هم خامدون ساكتون.
ودلالة الآية على بقاء النفس وإدراكها وشعورها وإرسالها الخطابات إلى من في الحياة الدنيا واضحة جداً ، حيث كانَ دخول الجنة (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ) والتمنّي (يا لَيْتَ قَوْمِي) كان قبل قيام الساعة ، والمراد من الجنة هي الجنة البرزخية دون الأُخروية.
إلى هنا تمّ بيان بعض الآيات الدالة على بقاء أرواح الشهداء الذين بذلوا مهجهم في سبيل الله ، وهناك مجموعة من الآيات تدلّ على بقاء أرواح الكفار بعد انتقالهم عن هذه الدنيا ، لكن مقترناً بألوان العذاب والطائفة الأُولى منعّمة بألوان النعم ، وإليك الطائفة الثانية:
الآية الخامسة
قال سبحانه : (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ* النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) (١).
والآية صريحة في أنّه سبحانه صرف عن مؤمن آل فرعون سوء مكرهم فَنَجا مع موسى ، لكن أحاط بآل فرعون سوء العذاب ، وأما كيفية عذابهم فتدلّ الآية على :
أوّلاً : أنّ هناك عرضاً لهم على النار وإدخالاً لهم فيها ، والثاني أشدّ من الأول.
__________________
(١) غافر : ٤٥ ـ ٤٦.