المبحث الثالث
وجود الصلة بين الحياة الدنيوية والحياة البرزخيّة
لا أظنّ أنّ مسلماً ملمّاً بالقرآن والسنّة ينكر الحياة البرزخية ، وأنّ للإنسان بعد موته وقبل بعثه حياة متوسطة بين الدنيا والآخرة ، وهو فيها بين مرتاح ومنعَّم ، ومتعب معذّب.
ولكن الجدير بالدراسة ، في ضوء الكتاب والسنّة ، هو تبيين الصلة بين الحياتين ، وأنّ البرزخيّين غير منقطعين عمّا يجري في الحياة الدنيوية ، وإنهم يسمعون إذا دُعُوا ، ويجيبون إذا سُئلوا ، بإذنٍ منه سبحانه ، والبرزخ وإن كان بمعنى المانع والحائل ، لكنّه حائل عن الرجوع إلى الدنيا الذي نفاه سبحانه بصريح كلامه عند ما طلب لفيف من الظالمين الرجوعَ إلى الدنيا لتدارك ما فات منهم من العبادة والطاعة قائلين : (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) (١) ، فأُجيبوا بالحرمان بقوله : «كلّا» وليس بمانع عن السماع والاستماع ولا عن السؤال والجواب ، كل ذلك بإذن منه سبحانه.
__________________
(١) المؤمنون : ٩٩ ـ ١٠٠.